ﺗﻌﺘﺒﺮ ﺍﻟﻔﻴﺰﻳﺎﺀ ﻣﻦ ﺃﺣﺪ ﺃﻗﺪﻡ ﺍﻟﺘّﺨﺼﺼﺎﺕ ﺍﻷﻛﺎﺩﻳﻤﻴﺔ، ﻓﻬﻲ ﻗﺪ ﺑﺪﺃﺕ ﺑﺎﻟﺒﺰﻭﻍ ﻣﻨﺬ ﺍﻟﻌﺼﻮﺭ ﺍﻟﻮﺳﻄﻰ ﻭﺗﻤﻴﺰﺕ ﻛﻌﻠﻢ ﺣﺪﻳﺚ ﻓﻲ ﺍﻟﻘﺮﻥ ﺍﻟﺴﺎﺑﻊ ﻋﺸﺮ، ﻭﺑﺎﻋﺘﺒﺎﺭ ﺃﻥ ﺃﺣﺪ ﻓﺮﻭﻋﻬﺎ، ﻭﻫﻮ ﻋﻠﻢ ﺍﻟﻔﻠﻚ، ﻳﻌﺪ ﻣﻦ ﺃﻋﺮﻕ ﺍﻟﻌﻠﻮﻡ ﺍﻟﻜﻮﻧﻴﺔ ﻋﻠﻰ ﺍﻹﻃﻼﻕ [3].
ﻭﻟﻠﻔﻴﺰﻳﺎﺀ ﻣﻜﺎﻧﺔ ﻣﺘﻤﻴﺰﺓ ﻓﻲ ﺍﻟﻔﻜﺮ ﺍﻹﻧﺴﺎﻧﻲ، ﻓﻬﻲ ﺗﺄﺛﺮﺕ ﻛﻤﺎ ﻛﺎﻥ ﻟﻬﺎ ﺍﻷﺛﺮ ﺍﻟﺤﺎﺳﻢ ﻓﻲ ﺑﻌﺾ ﺍﻟﺤﻘﻮﻝ ﺍﻟﻤﻌﺮﻓﻴﺔ ﻭﺍﻟﻌﻠﻤﻴﺔ ﺍﻷﺧﺮﻯ ﻣﺜﻞ ﺍﻟﻔﻠﺴﻔﺔ ﻭ ﺍﻟﺮﻳﺎﺿﻴﺎﺕ ﻭﻋﻠﻢ ﺍﻷﺣﻴﺎﺀ. ﻭﻟﻘﺪ ﺗﺠﺴﺪﺕ ﺃﻏﻠﺐ ﺍﻟﺘّﻄﻮﺭﺍﺕ ﺍﻟﺘﻲ ﺃﺣﺪﺛﺘﻬﺎ ﺑﺸﻜﻞ ﻋﻤﻠﻲ ﻓﻲ ﻋﺪّﺓ ﻗﻄﺎﻋﺎﺕ ﻣﻦ ﺍﻟﺘﻘﻨﻴﺔ ﻭﺍﻟﻄﺐ. ﻓﻌﻠﻰ ﺳﺒﻴﻞ ﺍﻟﻤﺜﺎﻝ، ﺃﺩﻯ ﺍﻟﺘّﻘﺪﻡ ﻓﻲ ﻓﻬﻢ ﺍﻟﻜﻬﺮﻭﻣﻐﻨﺎﻃﻴﺴﻴﺔ ﺇﻟﻰ ﺍﻻﻧﺘﺸﺎﺭ ﺍﻟﻮﺍﺳﻊ ﻓﻲ ﺍﺳﺘﺨﺪﺍﻡ ﺍﻷﺟﻬﺰﺓ ﺍﻟﻜﻬﺮﺑﺎﺋﻴﺔ ﻣﺜﻞ ﺍﻟﺘﻠﻔﺎﺯ ﻭﺍﻟﺤﺎﺳﻮﺏ؛ ﻭ ﻛﺬﻟﻚ ﺗﻄﺒﻴﻘﺎﺕ ﺍﻟﺪﻳﻨﺎﻣﻴﻜﺎ ﺍﻟﺤﺮﺍﺭﻳﺔ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺘﻄﻮﺭ ﺍﻟﻤﺬﻫﻞ ﻓﻲ ﻣﺠﺎﻝ ﺍﻟﻤﺤﺮﻛﺎﺕ ﻭﻭﺳﺎﺋﻞ ﺍﻟﻨﻘﻞ ﺍﻟﺤﺪﻳﺜﺔ؛ ﻭ ﺍﻟﻤﻴﻜﺎﻧﻴﻜﺎ ﺍﻟﻜﻤﻴﺔ ﺇﻟﻰ ﺍﺧﺘﺮﺍﻉ ﻣﻌﺪﺍﺕ ﻣﺜﻞ ﺍﻟﻤﺠﻬﺮ ﺍﻹﻟﻜﺘﺮﻭﻧﻲ؛ ﻛﻤﺎ ﻛﺎﻥ ﻟﻌﺼﺮ ﺍﻟﺬﺭﺓ، ﺑﺠﺎﻧﺐ ﺁﺛﺎﺭﻩ ﺍﻟﻤﺪﻣﺮﺓ، ﺍﺳﺘﻌﻤﺎﻻﺕ ﻫﺎﻣﺔ ﻓﻲ ﻋﻼﺝ ﺍﻟﺴﺮﻃﺎﻥ ﻭﺗﺸﺨﻴﺺ ﺍﻷﻣﺮﺍﺽ ﻭﺗﻮﻟﻴﺪ ﺍﻟﻄﺎﻗﺔ.
ﻣﻌﻈﻢ ﺍﻟﻔﻴﺰﻳﺎﺋﻴﻴﻦ ﺍﻟﻴﻮﻡ ﻳﻜﻮﻧﻮﻥ ﻣﺘﺨﺼﺼﻴﻦ ﻓﻲ ﻣﺠﺎﻟﻴﻦ ﻣﺘﻜﺎﻣﻠﻴﻦ ﻭﻫﻤﺎ ﺍﻟﻔﻴﺰﻳﺎﺀ ﺍﻟﻨﻈﺮﻳﺔ ﺃﻭ ﺍﻟﻔﻴﺰﻳﺎﺀ ﺍﻟﺘﺠﺮﻳﺒﻴﺔ، ﻭﺗﻬﺘﻢ ﺍﻷﻭﻟﻰ ﺑﺼﻴﺎﻏﺔ ﺍﻟﻨﻈﺮﻳﺎﺕ ﺑﺈﻋﺘﻤﺎﺩ ﻧﻤﺎﺫﺝ ﺭﻳﺎﺿﻴﺔ، ﻓﻴﻤﺎ ﺗﻬﺘﻢ ﺍﻟﺜﺎﻧﻴﺔ ﺑﺈﺟﺮﺍﺀ ﺍﻻﺧﺘﺒﺎﺭﺍﺕ ﻋﻠﻰ ﺗﻠﻚ ﺍﻟﻨﻈﺮﻳﺎﺕ، ﺑﺎﻹﺿﺎﻓﺔ ﺇﻟﻰ ﺍﻛﺘﺸﺎﻑ ﻇﻮﺍﻫﺮ ﻃﺒﻴﻌﻴﺔ ﺟﺪﻳﺪﺓ. ﻭﺑﺎﻟﺮﻏﻢ ﻣﻦ ﺍﻟﻜﻢ ﺍﻟﻬﺎﺋﻞ ﻣﻦ ﺍﻻﻛﺘﺸﺎﻓﺎﺕ ﺍﻟﻤﻬﻤّﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﺣﻘﻘﺘﻬﺎ ﺍﻟﻔﻴﺰﻳﺎﺀ ﻓﻲ ﺍﻟﻘﺮﻭﻥ ﺍﻷﺭﺑﻌﺔ ﺍﻟﻤﺎﺿﻴﺔ، ﺇﻻ ﺃﻥ ﺍﻟﻌﺪﻳﺪ ﻣﻦ ﺍﻟﻤﺴﺎﺋﻞ ﻻ ﺗﺰﺍﻝ ﺑﺪﻭﻥ ﺣﻠﻮﻝ ﺇﻟﻰ ﺣﺪ ﺍﻵﻥ [4]، ﻛﻤﺎ ﺃﻥ ﻫﻨﺎﻙ ﻣﺠﺎﻻﺕ ﻧﻈﺮﻳﺔ ﻭﺗﻄﺒﻴﻘﻴﺔ ﺗﺸﻬﺪ ﻧﺸﺎﻃﺎً ﻭﺃﺑﺤﺎﺛﺎً ﻣﻜﺜّﻔﺔ.
ﻣﻼﺣﻈﺔ: ﺍﻋﺘﺒﺎﺭ ﺃﻥ " ﺍﻟﻔﻴﺰﻳﺎﺀ ﻓﺮﻉ ﻣﻦ ﺍﻟﺮﻳﺎﺿﻴﺎﺕ" ﻋﺒﺎﺭﺓ ﺧﺎﻃﺌﺔ ﺗﻤﺎﻣﺎً, ﻷﻥ ﺍﻟﻨﻤﺎﺫﺝ ﺍﻟﺮﻳﺎﺿﻴﺔ ﺗﺴﺘﻌﻤﻞ ﻓﻲ ﻋﻠﻢ ﺍﻟﻔﻴﺰﻳﺎﺀ ﻓﻘﻂ ﻟﺘﺴﻬﻴﻞ ﻓﻬﻢ ﺍﻟﻈﻮﺍﻫﺮ ﺍﻟﻔﻴﺰﻳﺎﺋﻴﺔ. ﻭﺃﻥ ﻣﻀﺎﻣﻴﻦ ﺍﻟﻨﻤﺎﺫﺝ ﺍﻟﺮﻳﺎﺿﻴﺔ ﻓﻲ ﺃﻱ ﻋﻠﻢ ﻣﻦ ﺍﻟﻌﻠﻮﻡ ﺍﻟﻄﺒﻴﻌﻴﺔ ﻻ ﻳﺘﺪﺧﻞ ﻓﻲ ﺷﺄﻧﻬﺎ ﻋﻠﻢ ﺍﻟﺮﻳﺎﺿﻴﺎﺕ ﻓﺎﻟﻤﻌﺎﺩﻟﺔ ﺍﻟﻔﻴﺰﻳﺎﺋﻴﺔ ﺍﻟﺮﻳﺎﺿﻴﺔ ﻫﻲ ﻟﻐﺔ ﺍﻟﻔﻴﺰﻳﺎﺀ]
ﻟﺤﺴﻦ ﺣﻆ ﺍﻟﻌﺎﻟﻢ، ﻓﺈﻥ ﻣﻴﺮﺍﺙ ﺍﻟﻔﻼﺳﻔﺔ ﺍﻟﻴﻮﻧﺎﻥ ﺍﻧﻔﺬ ﻣﻦ ﺍﻟﻀﻴﺎﻉ ﺑﻞ ﻭﺃﺛﺮﻱ ﻭﻧﻘﺢ ﻭﺑﺈﺿﺎﻓﺎﺕ ﻭﺗﺼﺤﻴﺤﺎﺕ ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﺟﺎﺀ ﻓﻲ ﺍﻟﺘﺮﺍﺙ ﺍﻹﻏﺮﻳﻘﻲ.ﻭﺃﻥ ﻋﺪﺩﺍ ﻣﻦ ﺍﻟﻌﻠﻤﺎﺀ ﺍﻟﻤﺴﻠﻤﻴﻦ ﺃﺣﺎﻁ ﺑﻤﻌﺮﻓﺔ ﺍﻷﻭﻟﻴﻦ ﻣﻦ ﺃﻣﺜﺎﻝ ﺃﺭﺳﻄﻮ ﻭﺑﻄﻠﻴﻤﻮﺱ (ﻭﻏﻴﺮﻫﻢ) ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻠﻐﺔ ﺍﻟﻌﺮﺑﻴﺔ، ﻭﻋﻠﻘﻮﺍ ﺗﻌﻠﻴﻘﺎﺕ ﻋﻈﻴﻤﺔ ﻋﻠﻴﻬﺎﻭﻗﺪﻣﻮﺍ ﻋﺪﺩﺍ ﻣﻦ ﺍﻻﺑﺘﻜﺎﺭﺍﺕ ﻓﻲ ﻣﺠﺎﻝ ﻋﻠﻢ ﺍﻟﻔﻠﻚ، ﻭﺍﻟﺒﺼﺮﻳﺎﺕ، ﻭﺍﻟﺮﻳﺎﺿﻴﺎﺕ (ﺑﻤﺎ ﻓﻲ ﺫﻟﻚ ﺍﺳﺘﺨﺪﺍﻡ "ﺍﻷﺭﻗﺎﻡ ﺍﻟﻌﺮﺑﻴﺔ" ، ﻛﺎﺩﺧﺎﻝ ﺍﻟﺼﻔﺮ ﻛﻤﺘﻐﻴﺮ). ﻓﻌﻠﻰ ﺳﺒﻴﻞ ﺍﻟﻤﺜﺎﻝ ، ﺁﻟﺒﺘﺎﻧﻲ (858-929) ﻗﺪﻡ ﺗﺤﺴﻴﻨﺎﺕ ﻟﺒﻄﻠﻴﻤﻮﺱ ﺣﻮﻝ ﻣﺪﺍﺭﺍﺕ ﺍﻟﺸﻤﺲ ﻭﺍﻟﻘﻤﺮ ، ﺟﻤﻊ ﻭﺍﻛﺘﺸﻒ ﻋﺪﺩ ﻣﻦ ﺍﻟﻨﺠﻮﻡ ﻭﺑﻴﻦ ﻣﺪﺍﺭﺍﺗﻬﺎ ، ﻭﻋﻤﻞ ﻋﻠﻰ ﺍﻳﺠﺎﺩ ﺃﺩﻭﺍﺕ ﻓﻠﻜﻴﺔ ﺟﺪﻳﺪﺓ. (ﺍﺑﻦ ﺑﺎﺟﺔ ( 1095-1138) ﻭﺿﻊ ﺑﻴﻦ ﺧﻄﺎ ﺍﻷﻓﻼﻃﻮﻧﻴﺔ ﺍﻟﺠﺪﻳﺪﺓ ﺍﺗﻠﻲ ﺃﺗﻰ ﺑﻬﺎ ﺍﻟﻔﻴﻠﺴﻮﻑ ﺟﻮﻥ ﺍﻓﻼﻃﻮﻧﻴﺲ. ﺍﻟﻘﺮﻥ ﺍﻟﺴﺎﺩﺱ ﻡ) ، ﻛﺎﻥ ﻳﻌﺘﻘﺪ ﺯﻣﻦ ﺳﻘﻮﻁ ﻛﺘﻠﺔ ﻳﺘﻨﺎﺳﺐ ﻣﻊ ﻭﺯﻧﻬﺎ. ﺑﻌﺪ ﺳﻘﻮﻁ ﺍﻻﻧﺪﻟﺲ ﺧﻼﻝ ﺍﻟﻘﺮﻥ ﺍﻟﺜﺎﻧﻲ ﻋﺸﺮ ، ﺃﺻﺒﺤﺖ ﺍﻟﻌﻠﻮﻡ ﺍﻟﻘﺪﻳﻤﺔ ﻣﺘﺎﺣﺔ ﻣﺮﺓ ﺃﺧﺮﻯ ﻓﻲ ﺍﻟﻐﺮﺏ ﺍﻟﻼﺗﻴﻨﻲ. ﺍﻟﻤﻌﻠﻘﻮﻥ ﺍﻟﻌﺮﺏ ﻣﺜﻞ ﺍﺑﻦ ﺭﺷﺪ (ﺍﺑﻦ ﺭﺷﺪ، 1126-1198) ﻭﺃﺻﺒﺢ ﺫﺍ ﻧﻔﻮﺫ ﻣﻦ ﺑﻴﻦ ﺍﻟﻤﺘﺮﺟﻤﻴﻦ ﻷﻥ ﺗﺮﺟﺘﻪ ﻷﺭﺳﻄﻮ ﻛﺎﻧﺖ ﺃﻗﺮﺏ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻨﺼﻮﺹ ﺍﻷﺻﻠﻴﺔ ﻭﻣﺨﺘﻠﻔﺔ ﺗﻤﺎﻣﺎ ﻋﻦ ﻭﻃﺄﺓ ﺍﻟﻜﻨﻴﺴﺔ ﻭﺍﻟﺘﺮﺟﻤﺎﺕ ﺍﻟﻤﺤﺮﻓﺔ ﻭﺍﻟﺘﻲ ﺃﻟﻔﻬﺎ ﺍﻟﻐﺮﺏ . ﺗﻄﻮﺭﺕ ﺍﻟﻔﻴﺰﻳﺎﺀ ﻛﻤﺎ ﻧﻌﺮﻓﻬﺎ ﺍﻟﻴﻮﻡ، ﻣﻦ ﺳﻠﺴﻠﺔ ﺍﻟﻤﻼﺣﻈﺎﺕ ﺍﻟﺘﻲ ﺟﻤﻌﺘﻬﺎ ﺍﻟﺤﻀﺎﺭﺍﺕ ﺍﻟﻘﺪﻳﻤﺔ ﺣﻮﻝ ﻣﺨﺘﻠﻒ ﺍﻟﻈﻮﺍﻫﺮ ﺍﻟﻄّﺒﻴﻌﻴﺔ ﻭﺧﺎﺻﺔ ﻣﻨﻬﺎ ﺍﻟﻔﻠﻜﻴﺔ، ﻭﺍﻟﻤﺘﻌﻠﻘﺔ ﺑﺎﻟﺘﻘﻮﻳﻢ ﻭﺗﻘﺪﻳﺮ ﺍﻟﺰﻣﻦ، ﻛﺤﺮﻛﺔ ﺍﻟﺸّﻤﺲ ﻭﺃﺩﻭﺍﺭ ﺍﻟﻘﻤﺮ ﻭﺗﺸﻜﻴﻼﺕ ﺍﻟﻨﺠﻮﻡ. ﻭﻗﺪ ﺗﻮﺻﻞ ﺍﻟﻔﻼﺳﻔﺔ ﺍﻹﻏﺮﻳﻘﻴﻮﻥ ﺇﻟﻰ ﺍﺳﺘﻨﺒﺎﻁ ﻧﻈﺮﻳﺎﺕ ﺃﻭﻟﻴﺔ ﻟﺘﻔﺴﻴﺮ ﺗﻠﻚ ﺍﻟﻈﻮﺍﻫﺮ، ﻭﺫﻟﻚ ﺑﺎﺗﺒﺎﻉ ﻣﻨﻬﺞ ﻣﻨﻄﻘﻲ ﻭﺍﺳﺘﺪﻻﻟﻲ ﺑﺤﺖ ﻓﻲ ﻣﺎ ﻳﺴﻤﻰ ﺑﺎﻟﻔﻠﺴﻔﺔ ﺍﻟﻄّﺒﻴﻌﻴﺔ. ﻭﻛﺎﻥ ﻟﻠﺤﻀﺎﺭﺓ ﺍﻟﻌﺮﺑﻴﺔ-ﺍﻹﺳﻼﻣﻴﺔ ﺩﻭﺭ ﺭﺋﻴﺴﻲ ﻓﻲ ﺑﺪﺍﻳﺔ ﺻﻴﺎﻏﺔ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻌﻠﻢ (ﺍﻟﺬﻱ ﻛﺎﻥ ﻳﻌﺮﻑ ﺑﺎﻟﻄﺒﻴﻌﻴﺎﺕ)، ﺧﺎﺻﺔ ﻣﻊ ﺇﺳﻬﺎﻣﺎﺕ ﺍﻟﺤﺴﻦ ﺑﻦ ﺍﻟﻬﻴﺜﻢ، ﻭﺍﻟﺬﻱ ﻳﻌﺘﺒﺮ ﺭﺍﺋﺪ ﺍﻟﻤﻨﻬﺞ ﺍﻟﻌﻠﻤﻲ ﻓﻲ ﻛﺘﺎﺑﻪ ﺍﻟﻤﻨﺎﻇﺮ، ﻭﺃﺑﻮ ﺍﻟﺮﻳﺤﺎﻥ ﺍﻟﺒﻴﺮﻭﻧﻲ ﻓﻲ ﻣﺎ ﻳﺨﺘﺺ ﺑﺤﺮﻛﺔ ﺍﻷﺟﺴﺎﻡ ﻭﺍﻷﻭﺯﺍﻥ ﺍﻟﻨﻮﻋﻴﺔ [5].
ﺑﻌﺾ ﺍﻟﻌﻠﻤﺎﺀ ﺍﻟﻤﺴﻠﻤﻴﻦ
• ﺍﻷﺻﻤﻌﻲ 740
• ﺍﻟﺪﻳﻨﻮﺭﻱ 758
• ﺍﻟﺠﺎﺣﻆ 776
• ﺍﻟﺨﻮﺍﺭﺯﻣﻲ 780
• ﺍﻟﻜﻨﺪﻱ 801
• ﺟﺎﺑﺮ ﺑﻦ ﺣﻴﺎﻥ ﺗﻮﻓﻲ 803
• ﺛﺎﺑﺖ ﺑﻦ ﻗﺮﺓ 836
• ﻋﺒﺎﺱ ﺑﻦ ﻓﺮﻧﺎﺱ ﺗﻮﻓﻲ 888
• ﺍﻟﻄﺒﺮﻱ 838
• ﺍﻟﺒﺘﺎﻧﻲ 858
• ﺍﻟﻔﺮﻏﺎﻧﻲ 860
• ﺍﻟﺮﺍﺯﻱ 864
• ﺍﻟﻔﺎﺭﺍﺑﻲ 870
• ﺃﺑﻮ ﺣﺴﻦ ﻋﻠﻲ ﺍﻟﻤﺴﻌﻮﺩﻱ957
• ﺍﻟﺼﻮﻓﻲ 903
• ﺍﺑﻦ ﻓﻀﻼﻥ 921
• ﺍﻟﺰﻫﺮﺍﻭﻱ 936
• ﻣﺤﻤﺪ ﺍﻟﺒﺰﺟﺎﻧﻲ 940
• ﺍﻟﻤﻘﺪﺳﻲ 946
• ﺍﺑﻦ ﺍﻟﻬﻴﺜﻢ 965
• ﺍﻟﻤﺎﻭﺭﺩﻱ 972
• ﺍﻟﺒﻴﺮﻭﻧﻲ 973
• ﺍﺑﻦ ﺳﻴﻨﺎ 981
• ﻣﺴﻠﻤﺔ ﺍﺑﻦ ﺃﺣﻤﺪ ﺍﻟﻤﺠﺮﻳﻄﻲ 1007
• ﺍﺑﻦ ﺍﻟﺠﺰﺍﺭ 1010
• ﺍﻟﺰﺭﻗﺎﻟﻲ 1028
• ﺍﺑﻦ ﺍﻟﺬﻫﺒﻲ 1033
• ﻋﻤﺮ ﺍﻟﺨﻴﺎﻡ 1044
• ﺍﻟﻐﺰﺍﻟﻲ 1058
• ﺍﺑﻦ ﺟﺒﻴﺮ 1044
• ﺍﺑﻦ ﺯﻫﺮ 1091
• ﺍﻻﺩﺭﻳﺴﻲ ﻓﻲ 1099
• ﺍﺑﻦ ﻃﻔﻴﻞ 1110
• ﺍﺑﻦ ﺭﺷﺪ 1128
• ﺍﺑﻦ ﺟﺒﻴﺮ 1144
• ﺍﻟﺒﻴﺘﺮﻭﺟﻲ ﺗﻮﻓﻲ 1204
• ﺍﺑﻦ ﺍﻟﺒﻴﻄﺎﺭ 1248
• ﺟﻼﻝ ﺍﻟﺪﻳﻦ ﺍﻟﺮﻭﻣﻲ 1207
• ﺍﻟﺠﺰﺭﻱ 1206
• ﺍﺑﻦ ﺍﻟﻨﻔﻴﺲ 1210
• ﺍﺑﻦ ﺑﻄﻮﻃﺔ 1304
• ﺍﺑﻦ ﺧﻠﺪﻭﻥ 1332
ﻭﺃﺩﻯ ﺗﻄﻮﺭ ﺍﻟﻤﻨﻬﺞ ﺍﻟﻌﻠﻤﻲ، ﺧﻼﻝ ﺍﻟﻘﺮﻥ ﺍﻟﺴﺎﺑﻊ ﻋﺸﺮ، ﺇﻟﻰ ﻭﺿﻊ ﺃﺳﺲ ﻋﻠﻢ ﺍﻟﻔﻴﺰﻳﺎﺀ ﺍﻟﺤﺪﻳﺚ ﻣﻦ ﻗﺒﻞ ﻓﺮﺍﻧﺴﻴﺲ ﺑﻴﻜﻮﻥ ﻭﻏﺎﻟﻴﻠﻴﻮ ﻏﺎﻟﻴﻠﻲ ﻭﺇﺳﺤﺎﻕ ﻧﻴﻮﺗﻦ ﻭﻓﺼﻠﻪ ﻧﻬﺎﺋﻴﺎ ﻋﻦ ﺍﻟﻔﻠﺴﻔﺔ. ﻭﻗﺪ ﺗﻤﻜﻦ ﻫﺬﺍ ﺍﻷﺧﻴﺮ ﻣﻦ ﺗﺸﻜﻴﻞ ﺍﻟﻤﺒﺎﺩﺉ ﺍﻷﺳﺎﺳﻴﺔ ﻟﻠﻤﻴﻜﺎﻧﻴﻜﺎ ﺍﻟﻜﻼﺳﻴﻜﻴﺔ، ﻭﻫﻲ ﺗﺼﻒ ﺇﻟﻰ ﺣﺪ ﺍﻵﻥ ﻭﺑﺸﻜﻞ ﺟﻴﺪ ﻗﻮﺍﻧﻴﻦ ﺍﻟﺤﺮﻛﺔ ﻭﺍﻟﻘﻮﻯ ﻭﺍﻟﻄﺎﻗﺔ، ﻋﻠﻰ ﻣﺴﺘﻮﻯ ﺣﻴﺎﺗﻨﺎ ﺍﻟﻴﻮﻣﻴﺔ. ﻭﻗﺪ ﺗﺤﻘﻖ ﺫﻟﻚ ﺑﻔﻀﻞ ﺍﻛﺘﺸﺎﻓﻪ، ﻣﻊ ﻏﻮﺗﻔﺮﻳﺪ ﻻﻳﺒﻨﺘﺰ، ﻷﺣﺪ ﺃﻫﻢ ﺃﺩﻭﺍﺕ ﺍﻟﻔﻴﺰﻳﺎﺀ ﺍﻟﺮﻳﺎﺿﻴﺔ ﻭﻫﻮ ﺍﻟﺤﺴﺎﺏ ﺍﻟﺘﻔﺎﺿﻠﻲ.
ﻭﻓﻲ ﺍﻟﻘﺮﻥ ﺍﻟﺜﺎﻣﻦ ﻋﺸﺮ، ﺃﺛﻨﺎﺀ ﺍﻟﺜﻮﺭﺓ ﺍﻟﺼﻨﺎﻋﻴﺔ، ﺗﻄﻮﺭﺕ ﻣﻔﺎﻫﻴﻢ ﻧﻘﻞ ﺍﻟﺤﺮﺍﺭﺓ، ﻭﺗﺒﺎﺩﻝ ﺍﻟﻄﺎﻗﺔ، ﻭﻋﻤﻞ ﺍﻟﻤﺤﺮﻛﺎﺕ، ﻭﺍﻧﺘﺸﺮﺕ ﻣﺒﺎﺩﺉ ﻣﺎ ﻳﻌﺮﻑ ﺑﺎﻟﺪﻳﻨﺎﻣﻴﻜﺎ ﺍﻟﺤﺮﺍﺭﻳﺔ ﻭﺍﻟﻤﻴﻜﺎﻧﻴﻜﺎ ﺍﻹﺣﺼﺎﺋﻴﺔ.
ﺃﻣﺎ ﻓﻲ ﺍﻟﻘﺮﻥ ﺍﻟﺘﺎﺳﻊ ﻋﺸﺮ، ﻓﺎﻛﺘﺸﻔﺖ ﺍﻟﻘﻮﺍﻧﻴﻦ ﺍﻷﺳﺎﺳﻴﺔ ﻟﻠﻜﻬﺮﻭﻣﻐﻨﺎﻃﻴﺴﻴﺔ ﻭﺍﻟﻄّﺒﻴﻌﺔ ﺍﻟﻤﻮﺟﻴﺔ ﻟﻠﻀﻮﺀ، ﻭﻛﺬﻟﻚ ﺑﻨﻴﺔ ﺍﻟﻤﺎﺩﺓ ﺍﻟﺬّﺭﻳﺔ ﻭﻗﻮﺍﻧﻴﻦ ﺍﻹﺷﻌﺎﻉ.
ﻭﻣﻊ ﺑﺪﺍﻳﺎﺕ ﺍﻟﻘﺮﻥ ﺍﻟﻌﺸﺮﻳﻦ، ﻇﻬﺮﺕ ﺻﻴﺎﻏﺎﺕ ﻧﻈﺮﻳﺔ ﺟﺪﻳﺪﺓ ﺃﻣﺎﻡ ﻋﺠﺰ ﺍﻟﻤﻴﻜﺎﻧﻴﻜﺎ ﺍﻟﻜﻼﺳﻴﻜﻴﺔ ﻓﻲ ﺗﻔﺴﻴﺮ ﺑﻌﺾ ﺟﻮﺍﻧﺐ ﺍﻟﻀﻮﺀ ﻭﺩﻳﻨﺎﻣﻴﻜﺎ ﺍﻟﺠﺴﻴﻤﺎﺕ ﺍﻟﺬﺭﻳﺔ. ﻭﺗﻮﺻﻞ ﺃﻟﺒﺮﺕ ﺃﻳﻨﺸﺘﺎﻳﻦ ﺇﻟﻰ ﻭﺿﻊ ﻧﻈﺮﻳﺔ ﺍﻟﻨﺴﺒﻴﺔ ﺍﻟﺨﺎﺻﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﺗﺼﻒ ﺍﻷﺟﺴﺎﻡ ﺍﻟﻤﺘﺤﺮﻛﺔ ﺑﺴﺮﻋﺔ ﺗﻘﺎﺭﺏ ﺳﺮﻋﺔ ﺍﻟﻀﻮﺀ ﻭﺗﺄﺛﻴﺮﺍﺕ ﺫﻟﻚ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻤﻔﺎﻫﻴﻢ ﺍﻟﺒﺪﻳﻬﻴﺔ ﻟﻠﻤﻜﺎﻥ ﻭﺍﻟﺰﻣﻦ، ﻭﺑﻌﺪ ﺫﻟﻚ ﻟﻨﻈﺮﻳﺔ ﺍﻟﻨﺴﺒﻴﺔ ﺍﻟﻌﺎﻣﺔ، ﺍﻟﺘﻲ ﺗﺼﻒ ﻃﺒﻴﻌﺔ ﻗﻮﺓ ﺍﻟﺠﺎﺫﺑﻴﺔ ﻭﻋﻼﻗﺘﻬﺎ ﺑﻬﻨﺪﺳﺔ ﺍﻟﺰﻣﻜﺎﻥ
[ﺗﻌﺮﻳﻒ ﺍﻟﻔﻴﺰﻳﺎﺀ ﻭﺃﻗﺴﺎﻣﻬﺎ
ﺍﻟﻔﻴﺰﻳﺎﺀ ﻟﻔﻆ ﺍﺷﺘﻖ ﻣﻦ ﺍﻟﻴﻮﻧﺎﻧﻴﺔ ﻓﻴﺰﻳﻜﻮﺱ ( φυσικη ) ﺑﻤﻌﻨﻰ ﻃﺒﻴﻌﻲ، ﻭﺍﻟﻜﻠﻤﺔ ﻣﺸﺘﻘﺔ ﻣﻦ ﺍﻟﺠﺬﺭ ﻓﻴﺰﻳﺲ ( φύσις ) ﺑﻤﻌﻨﻰ ﻃﺒﻴﻌﺔ.
ﻭﺑﺼﻔﺔ ﻋﺎﻣﺔ ﻓﺈﻥ ﺍﻟﻌﻠﻮﻡ ﺍﻟﻔﻴﺰﻳﺎﺋﻴﺔ ﺗﻬﺘﻢ ﺑﺪﺭﺍﺳﺔ ﺳﻠﻮﻙ ﻭﺗﻔﺎﻋﻼﺕ ﺍﻟﻤﺎﺩﺓ ﻓﻲ ﺍﻹﻃﺎﺭ ﺍﻟﻤﻜﺎﻧﻲ ﻭﺍﻟﺰﻣﻨﻲ، ﻭﻫﻮ ﻣﺎ ﻳﻌﺮﻑ ﺑﺎﺳﻢ ﺍﻟﻈﻮﺍﻫﺮ ﺍﻟﻔﻴﺰﻳﺎﺋﻴﺔ، ﻭﻳﺘﻢ ﺍﻟﺘﻌﺒﻴﺮ ﻋﻦ ﺍﻟﻨﻈﺮﻳﺎﺕ ﺍﻟﻔﻴﺰﻳﺎﺋﻴﺔ ﺑﻤﻌﺎﺩﻻﺕ ﺭﻳﺎﺿﻴﺔ، ﻭﻳﻄﻠﻖ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻨﻈﺮﻳﺎﺕ ﺍﻟﻔﻴﺰﻳﺎﺋﻴﺔ ﺍﺳﻢ ﻗﻮﺍﻧﻴﻦ ﺍﻟﻔﻴﺰﻳﺎﺀ ﺇﺫﺍ ﻣﺎ ﺃﺛﺒﺘﺘﻬﺎ ﺍﻟﺘﺠﺮﺑﺔ، ﻭﻟﻜﻦ ﺑﺮﻏﻢ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺘﺴﻤﻴﺔ ﻓﺈﻧﻪ ﻳﻤﻜﻦ ﺍﻟﻄﻌﻦ ﻓﻲ ﺑﻌﺾ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻘﻮﺍﻧﻴﻦ.
ﻭﻋﻠﻢ ﺍﻟﻔﻴﺰﻳﺎﺀ ﻓﻲ ﺍﻷﺳﺎﺱ ﻋﻠﻢ ﺗﺠﺮﻳﺒﻲ ﻳﻌﺘﻤﺪ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻤﻼﺣﻈﺔ ﻭﺍﻟﻘﻴﺎﺳﺎﺕ ﺍﻟﺪﻗﻴﻘﺔ ﻻﺳﺘﻨﺒﺎﻁ ﺍﻟﻘﻮﺍﻧﻴﻦ، ﻭﺍﻟﻮﺻﻮﻝ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻨﻈﺮﻳﺎﺕ ﺍﻟﺘﻲ ﺗﺴﺎﻋﺪﻧﺎ ﻋﻠﻰ ﻓﻬﻢ ﺍﻟﻈﻮﺍﻫﺮ ﺍﻟﻄﺒﻴﻌﻴﺔ، ﻭﻣﻦ ﺛﻢ ﺗﺴﺨﻴﺮﻫﺎ ﻟﻤﺎ ﻓﻴﻪ ﻓﺎﺋﺪﺓ ﻟﻺﻧﺴﺎﻥ؛ ﻟﺬﺍ ﻓﺈﻥ ﻋﻠﻢ ﺍﻟﻔﻴﺰﻳﺎﺀ ﻳﻌﻴﻨﻨﺎ ﻋﻠﻰ ﻓﻬﻢ ﺍﻟﻜﺜﻴﺮ ﻣﻤﺎ ﻓﻲ ﻋﺎﻟﻤﻨﺎ ﻭﻣﻤﺎ ﻳﺤﻴﻂ ﺑﻨﺎ، ﻫﺬﺍ ﺑﺎﻹﺿﺎﻓﺔ ﺇﻟﻰ ﺃﻥ ﻋﻠﻢ ﺍﻟﻔﻴﺰﻳﺎﺀ ﻳُﻌَﺪُّ ﺃﺳﺎﺳﺎً ﻟﺠﻤﻴﻊ ﺍﻟﻌﻠﻮﻡ ﺍﻟﺘﻄﺒﻴﻘﻴﺔ ﻭﺍﻟﺘﻘﻨﻴﺔ، ﻭﻣﻦ ﻫﻨﺎ ﺗﺄﺗﻲ ﺃﻫﻤﻴﺔ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻌﻠﻢ ﻭﺿﺮﻭﺭﺓ ﻓﻬﻤﻪ ﻭﺍﺳﺘﻴﻌﺎﺑﻪ ﻭﺗﺪﺭﻳﺴﻪ ﻓﻲ ﻛﺎﻓﺔ ﺍﻟﺘﺨﺼﺼﺎﺕ ﺍﻟﻌﻠﻤﻴﺔ ﺃﻭ ﺍﻟﻬﻨﺪﺳﻴﺔ ﺃﻭ ﺍﻟﻄﺒﻴﺔ (1).
ﻓﻌﻠﻢ ﺍﻟﻔﻴﺰﻳﺎﺀ ﻫﻮ ﺍﻟﻘﺎﻋﺪﺓ ﺍﻷﺳﺎﺳﻴﺔ ﻟﻤﺨﺘﻠﻒ ﺍﻟﻌﻠﻮﻡ ﻓﻬﻮ ﻳﻘﺪﻡ ﺍﻟﺘﻔﺎﺻﻴﻞ ﺍﻟﻌﻤﻴﻘﺔ ﻟﻔﻬﻢ ﻛﻞ ﺷﻲﺀ ﺑﺪﺀﺍً ﺑﺎﻟﺠﺴﻴﻤﺎﺕ ﺍﻷﻭﻟﻴﺔ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻨﻮﺍﺓ ﻭﺍﻟﺬﺭﺓ ﻭﺍﻟﺠﺰﻳﺌﺎﺕ ﻭﺍﻟﺨﻼﻳﺎ ﺍﻟﺤﻴﺔ ﻭﺍﻟﻤﻮﺍﺩ ﺍﻟﺼﻠﺒﺔ ﻭﺍﻟﺴﺎﺋﻠﺔ ﻭﺍﻟﻐﺎﺯﺍﺕ ﻭﺍﻟﺒﻼﺯﻣﺎ (ﺍﻟﺤﺎﻟﺔ ﺍﻟﺮﺍﺑﻌﺔ ﻟﻠﻤﺎﺩﺓ) ﻭﺍﻟﺪﻣﺎﻍ ﺍﻟﺒﺸﺮﻱ ﻭﺍﻷﻧﻈﻤﺔ ﺍﻟﻤﻌﻘﺪﺓ ﻭﺍﻟﻜﻤﺒﻴﻮﺗﺮﺍﺕ ﺍﻟﺴﺮﻳﻌﺔ ﻭﺍﻟﻐﻼﻑ ﺍﻟﺠﻮﻱ ﻭﺍﻟﻜﻮﺍﻛﺐ ﻭﺍﻟﻨﺠﻮﻡ ﻭﺍﻟﻤﺠﺮﺍﺕ ﻭﺍﻟﻜﻮﻥ ﻧﻔﺴﻪ. ﺃﻱ ﺃﻥ ﺍﻟﻔﻴﺰﻳﺎﺋﻴﻴﻦ ﻳﺨﺘﺼﻮﻥ ﺑﻤﻌﺮﻓﺔ ﺍﺻﻐﺮ ﻋﻨﺼﺮ ﻟﻬﺬﺍ ﺍﻟﻜﻮﻥ ﻭﻫﻮ ﺍﻟﺠﺴﻴﻤﺎﺕ ﺍﻷﻭﻟﻴﺔ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻜﻮﻥ ﺍﻟﻔﺴﻴﺢ ﻣﺮﻭﺭﺍ ﺑﺎﻟﺘﻔﺎﺻﻴﻞ ﺍﻟﺘﻲ ﺫﻛﺮﻧﺎﻫﺎ (2).
ﻓﻤﺜﻼً ﻳﺼﻤﻢ ﺍﻟﻤﻬﻨﺪﺳﻮﻥ ﺍﻟﺴﻴﺎﺭﺍﺕ ﻭﺍﻟﻄﺎﺋﺮﺍﺕ ﺑﻨﺎﺀً ﻋﻠﻰ ﻣﺒﺎﺩﺉ ﻣﻌﻴﻨﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﻔﻴﺰﻳﺎﺀ، ﻭﻣﻜﻨﺖ ﻗﻮﺍﻧﻴﻦ ﻭﻧﻈﺮﻳﺎﺕ ﺍﻟﻔﻴﺰﻳﺎﺀ ﺍﻟﻤﻬﻨﺪﺳﻴﻦ ﻭﺍﻟﻌﻠﻤﺎﺀ ﻣﻦ ﻭﺿﻊ ﺍﻟﻤﺮﻛﺒﺎﺕ ﺍﻟﻔﻀﺎﺋﻴﺔ ﻓﻲ ﻣﺴﺎﺭﺍﺗﻪ، ﻭﻣﻦ ﺍﺳﺘﻘﺒﺎﻝ ﻣﻌﻠﻮﻣﺎﺕ ﺗﺮﺳﻠﻬﺎ ﺃﻗﻤﺎﺭ ﺍﻟﻔﻀﺎﺀ ﺍﻟﺘﻲ ﺗﺠﻮﺏ ﻣﻨﺎﻃﻖ ﺑﻌﻴﺪﺓ ﻣﻦ ﺍﻟﻤﺠﻤﻮﻋﺔ ﺍﻟﺸﻤﺴﻴﺔ، ﻭﺃﺩﺕ ﺑﺤﻮﺙ ﺍﻟﻔﻴﺰﻳﺎﺀ ﺇﻟﻰ ﺍﺳﺘﺨﺪﺍﻡ ﺍﻟﻤﻮﺍﺩ ﺍﻟﻤﺸﻌﺔ ﻓﻲ ﺩﺭﺍﺳﺔ ﻭﺗﺸﺨﻴﺺ ﻭﻋﻼﺝ ﺃﻣﺮﺍﺽ ﻣﻌﻴﻨﺔ، ﺑﺎﻹﺿﺎﻓﺔ ﺃﻥ ﻣﺒﺎﺩﺉ ﺍﻟﻔﻴﺰﻳﺎﺀ ﻭﺭﺍﺀ ﺗﺼﻤﻴﻢ ﻛﺜﻴﺮ ﻣﻦ ﺍﻷﺟﻬﺰﺓ ﺍﻟﻤﻨﺰﻟﻴﺔ ﻣﻦ ﺍﻟﻤﻜﺎﻧﺲ ﺍﻟﻜﻬﺮﺑﺎﺋﻴﺔ ﺇﻟﻰ ﻣﺴﺠﻼﺕ ﺍﻟﻔﻴﺪﻳﻮ (3).
ﺃﻗﺴﺎﻡ ﺍﻟﻔﻴﺰﻳﺎﺀ:
ﺗﻨﻘﺴﻢ ﻋﻠﻮﻡ ﺍﻟﻔﻴﺰﻳﺎﺀ ﺇﻟﻰ ﻣﺠﻤﻮﻋﺘﻴﻦ ﻛﺒﻴﺮﺗﻴﻦ ﻫﻤﺎ:
ﺍﻟﻔﻴﺰﻳﺎﺀ ﺍﻟﺘﻘﻠﻴﺪﻳﺔ: ﻭﺗﻌﺘﻨﻲ ﺑﺎﻷﺳﺌﻠﺔ ﺣﻮﻝ ﺍﻟﺤﺮﻛﺔ ﻭﺍﻟﻄﺎﻗﺔ، ﻭﺃﻗﺴﺎﻣﻬﺎ ﺧﻤﺴﺔ ﻫﻲ:
ﺍﻟﻤﻴﻜﺎﻧﻴﻜﺎ، ﻭﺍﻟﺤﺮﺍﺭﺓ، ﻭﺍﻟﺼﻮﺕ، ﻭﺍﻟﻜﻬﺮﺑﺎﺀ ﻭﺍﻟﻤﻐﻨﺎﻃﻴﺴﻴﺔ، ﻭﺍﻟﻀﻮﺀ.
ﺍﻟﻔﻴﺰﻳﺎﺀ ﺍﻟﺤﺪﻳﺜﺔ: ﻭﺗﻌﺘﻨﻲ ﺑﺪﺭﺍﺳﺔ ﺍﻟﺘﺮﻛﻴﺐ ﺍﻷﺳﺎﺳﻲ ﻟﻠﻌﺎﻟﻢ ﺍﻟﻤﺎﺩﻱ، ﻭﺃﻗﺴﺎﻣﻬﺎ ﺍﻷﺳﺎﺳﻴﺔ ﻫﻲ:
1- ﺍﻟﻔﻴﺰﻳﺎﺀ ﺍﻟﺬﺭﻳﺔ ﻭﺍﻟﺠﺰﻳﺌﻴﺔ ﻭﺍﻹﻟﻜﺘﺮﻭﻧﻴﺎﺕ. 2- ﺍﻟﻔﻴﺰﻳﺎﺀ ﺍﻟﻨﻮﻭﻳﺔ. 3- ﻓﻴﺰﻳﺎﺀ ﺍﻟﺠﺴﻴﻤﺎﺕ. 4- ﻓﻴﺰﻳﺎﺀ ﺍﻟﻄﺎﻗﺔ ﺍﻟﺼﻠﺒﺔ. 5- ﻓﻴﺰﻳﺎﺀ ﺍﻟﻤﻮﺍﺋﻊ ﻭﺍﻟﺒﻼﺯﻣﺎ (4).
ﺍﻟﺤﻀﺎﺭﺍﺕ ﺍﻟﻘﺪﻳﻤﺔ ﻭﺑﺪﺍﻳﺔ ﺍﻟﻔﻴﺰﻳﺎﺀ ﻓﻲ ﺍﻹﺳﻼﻡ
ﻭﺻﻠﺖ ﺍﻟﻔﻴﺰﻳﺎﺀ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻤﺴﻠﻤﻴﻦ ﻋﺒﺮ ﺍﻟﻴﻮﻧﺎﻧﻴﻴﻦ، ﻭﻗﺪ ﺍﺗﻜﺄ ﺍﻟﻤﺴﻠﻤﻮﻥ ﻋﻨﺪ ﻣﻤﺎﺭﺳﺘﻬﻢ ﻟﻬﺬﺍ ﺍﻟﻌﻠﻢ ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﻛﺎﻥ ﻟﺪﻯ ﺍﻟﻴﻮﻧﺎﻧﻴﻴﻦ ﻭﻣﺎ ﻛﺎﻥ ﻟﻐﻴﺮﻫﻢ ﻣﻦ ﺍﻟﺸﻌﻮﺏ ﺍﻟﻘﺪﻳﻤﺔ، ﻓﻘﺪ ﻧﻘﻠﻮﺍ ﻋﻦ ﺍﻟﻴﻮﻧﺎﻥ ﺁﺭﺍﺀﻫﻢ ﻓﻲ ﺍﻧﻜﺴﺎﺭ ﺍﻟﻀﻮﺀ، ﻭﺍﻟﻤﺮﺍﻳﺎ ﺍﻟﻤﺤﺮﻗﺔ، ﻭﺍﻟﺠﺎﺫﺑﻴﺔ، ﻭﺍﻟﺜﻘﻞ ﺍﻟﻨﻮﻋﻲ، ﻭﺍﻟﻘﻮﺍﻧﻴﻦ ﺍﻟﻤﺎﺋﻴﺔ، ﻭﻟﻜﻨﻬﻢ ﻟﻢ ﻳﻘﺘﺼﺮﻭﺍ ﻋﻠﻰ ﻣﺠﺮﺩ ﺍﻟﻨﻘﻞ، ﺑﻞ ﺗﻮﺳﻌﻮﺍ ﻭﺃﺿﺎﻓﻮﺍ ﺇﺿﺎﻓﺎﺕ ﺟﺪﻳﺪﺓ ﻣﻦ ﺍﺑﺘﻜﺎﺭﺍﺗﻬﻢ.
ﻭﺇﻧﻪ ﻭﻋﻠﻰ ﺍﻟﺮﻏﻢ ﻣﻦ ﺍﻫﺘﻤﺎﻡ ﺍﻟﻤﺴﻠﻤﻴﻦ ﺑﺎﻟﻔﻴﺰﻳﺎﺀ، ﺇﻻ ﺃﻥ ﺫﻟﻚ ﺍﻻﻫﺘﻤﺎﻡ ﻟﻢ ﻳﺮﻕَ ﺇﻟﻰ ﻣﺎ ﻧﺎﻟﺘﻪ ﺍﻟﻜﻴﻤﻴﺎﺀ ﻣﻦ ﻋﻨﺎﻳﺔ، ﻓﻘﺪ ﺑﺪﺍ ﻋﻠﻢ ﺍﻟﻜﻴﻤﻴﺎﺀ - ﻋﻠﻰ ﺳﺒﻴﻞ ﺍﻟﻤﺜﺎﻝ - ﻟﺪﻳﻬﻢ ﻣﺴﺘﻘﻼً ﻭﺍﺿﺤًﺎ ﻣﻨﺬ ﻣﻄﻠﻊ ﻧﻬﻀﺘﻬﻢ ﺍﻟﻌﻠﻤﻴﺔ، ﺃﻣﺎ ﺍﻟﻔﻴﺰﻳﺎﺀ ﻓﻘﺪ ﻛﺎﻧﺖ ﺗﻤﺜﻞ ﺟﺎﻧﺒًﺎ ﻣﻦ ﺍﻟﺮﻳﺎﺿﻴﺎﺕ ﺣﻴﻨًﺎ ﺃﻭ ﻓﺮﻋًﺎ ﻣﻦ ﻓﺮﻭﻉ ﻋﻠﻢ ﻣﺎ ﻭﺭﺍﺀ ﺍﻟﻄﺒﻴﻌﺔ ﺣﻴﻨًﺎ ﺁﺧﺮ؛ ﻟﺬﺍ ﻧﺠﺪ ﺃﻥ ﻛﺜﻴﺮًﺍ ﻣﻦ ﺍﻟﻤﻌﻠﻮﻣﺎﺕ ﺍﻟﺘﻲ ﺃﺩﻟﻮﺍ ﺑﻬﺎ ﺣﻮﻝ ﻋﻠﻢ ﺍﻟﻤﻴﻜﺎﻧﻴﻜﺎ ﻣﺒﺜﻮﺛﺔ ﻓﻲ ﻛﺘﺐ ﺍﻟﻔﻠﺴﻔﺔ، ﻭﻟﻴﺲ ﻓﻲ ﻛﺘﺐ ﺍﻟﻌﻠﻮﻡ ﻛﻤﺎ ﻗﺪ ﻳﺘﺒﺎﺩﺭ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺬﻫﻦ، ﻷﻧﻬﻢ ﺍﻋﺘﺒﺮﻭﺍ ﺃﻥ ﻓﻜﺮﺓ ﺍﻟﺰﻣﺎﻥ ﻭﺍﻟﻤﻜﺎﻥ ﻭﺍﻟﺤﺮﻛﺔ ﻛﻠﻬﺎ ﺃﻓﻜﺎﺭ ﺗﻨﺘﻤﻲ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻔﻠﺴﻔﺔ، ﻭﻟﻬﻢ ﻓﻲ ﻣﺨﺘﻠﻒ ﻓﺮﻭﻉ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻌﻠﻢ ﻣﻼﺣﻈﺎﺕ ﻛﺜﻴﺮﺓ ﺻﺎﺋﺒﺔ ﻭﻣﻼﺣﻈﺎﺕ ﺃﺧﺮﻯ ﻏﻴﺮ ﺻﺎﺋﺒﺔ ﻣﺒﺜﻮﺛﺔ ﻓﻲ ﺗﺼﺎﻧﻴﻒ ﻛﺜﻴﺮﺓ ﻣﺘﻨﻮﻋﺔ.
ﻭﻻ ﻳﻨﺒﻐﻲ ﺃﻥ ﻳﺘﺒﺎﺩﺭ ﻟﻠﺬﻫﻦ ﺃﻧﻬﻢ ﻛﺎﻧﻮﺍ ﻣﺘﺄﺧﺮﻳﻦ ﻓﻲ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻌﻠﻢ ﻷﻧﻬﻢ ﻟﻢ ﻳﻌﺘﻨﻮﺍ ﺑﻪ ﻋﻨﺎﻳﺘﻬﻢ ﺑﺎﻟﻜﻴﻤﻴﺎﺀ، ﻓﻬﻢ ﻓﻲ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻌﻠﻢ ﻗﺪ ﺑَﺰُّﻭﺍ ﺍﻷﻣﻢ ﺍﻟﻤﻌﺎﺻﺮﺓ ﻟﻬﻢ ﻓﻲ ﻛﺜﻴﺮ ﻣﻦ ﻓﺮﻭﻋﻪ ﻣﺜﻞ: ﺍﻟﺒﺼﺮﻳﺎﺕ، ﻭﺍﻟﻤﻴﻜﺎﻧﻴﻜﺎ، ﻛﻤﺎ ﺧﺮﺟﻮﺍ ﺑﺂﺭﺍﺀ ﻃﻴﺒﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﺠﺎﺫﺑﻴﺔ ﻭﺍﻟﻤﻐﻨﺎﻃﻴﺲ، ﻭﺍﻟﺼﻮﺕ ﺍﻟﺬﻱ ﻃﺒﻘﻮﺍ ﻣﺒﺎﺩﺋﻪ ﻋﻠﻰ ﻋﻠﻢ ﺍﻟﻤﻮﺳﻴﻘﻰ، ﻭﺍﻟﺜﻘﻞ ﺍﻟﻨﻮﻋﻲ ﻭﻏﻴﺮ ﺫﻟﻚ، ﻭﻗﺎﻡ ﻋﻠﻤﺎﺀ ﺃﻓﺬﺍﺫ ﺑﻄﺮﺡ ﻧﻈﺮﻳﺎﺕ ﺟﺪﻳﺪﺓ ﻭﺑﺤﻮﺙ ﻣﺒﺘﻜﺮﺓ، ﻭﻛﺎﻥ ﻣﻦ ﺑﻴﻦ ﻫﺆﻻﺀ ﺍﻟﻌﻠﻤﺎﺀ ﺃﺑﻨﺎﺀ ﻣﻮﺳﻰ ﺑﻦ ﺷﺎﻛﺮ ﻭﺍﺑﻦ ﺍﻟﻬﻴﺜﻢ ﻭﺍﻟﺒﻴﺮﻭﻧﻲ ﻭﺍﺑﻦ ﺳﻴﻨﺎ ﻭﺍﻟﺨﺎﺯﻥ ﻭﻏﻴﺮﻫﻢ.
ﻭﻛﺎﻧﺖ ﺍﻟﺒﺪﺍﻳﺔ ﺃﻥ ﺃﺧﺬ ﺍﻟﻌﺮﺏ ﺍﻟﻤﺴﻠﻤﻮﻥ ﻣﺒﺎﺩﻱﺀ ﻋﻠﻢ ﺍﻟﻔﻴﺰﻳﺎﺀ ﻣﻦ ﺍﻟﻴﻮﻧﺎﻥ، ﻓﻘﺪ ﺗﺮﺟﻤﻮﺍ ﻛﺘﺎﺏ (ﺍﻟﻔﻴﺰﻳﻜﺲ) ﻷﺭﺳﻄﻮ، ﻭﻛﺘﺎﺏ (ﺍﻟﺤﻴﻞ ﺍﻟﺮﻭﺣﺎﻧﻴﺔ ﻭ ﺭﻓﻊ ﺍﻷﺛﻘﺎﻝ) ﻷﻳﺮﻥ، ﻭﻛﺘﺎﺏ (ﺍﻵﻻﺕ ﺍﻟﻤﺼﻮﺗﺔ ﻋﻠﻰ ﺑﻌﺪ 60 ﻣﻴﻠًﺎ) ﻟﻤﻮﺭﻃﺲ، ﻛﻤﺎ ﺍﻫﺘﻤﻮﺍ ﺑﻤﺆﻟﻔﺎﺕ ﺃﺭﺷﻤﻴﺪﺱ ﻭﻫﻴﺮﻭﻥ، ﻭﻃﻮَّﺭﻭﺍ ﻧﻈﺮﻳﺎﺗﻬﻤﺎ ﻭﺃﻓﻜﺎﺭﻫﻤﺎ ﻓﻲ ﻋﻠﻢ ﺍﻟﻤﻴﻜﺎﻧﻴﻜﺎ.
ﻭﺑﻴﻨﻤﺎ ﻛﺎﻥ ﺍﻟﻴﻮﻧﺎﻧﻴﻮﻥ ﻳﻌﺘﻤﺪﻭﻥ ﻛﻠﻴًﺎ ﻋﻠﻰ ﺍﻷﻓﻜﺎﺭ ﺍﻟﻔﻠﺴﻔﻴﺔ ﺍﻟﻤﺠﺮﺩﺓ ﻭﺍﻻﺳﺘﻨﺒﺎﻁ ﺍﻟﻌﻘﻠﻲ، ﻧﺠﺪ ﺃﻥ ﺍﻟﻌﻠﻤﺎﺀ ﺍﻟﻌﺮﺏ ﻭﺍﻟﻤﺴﻠﻤﻴﻦ ﺍﻋﺘﻤﺪﻭﺍ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺘﺠﺮﺑﺔ ﻭﺍﻻﺳﺘﻘﺮﺍﺀ، ﻭﺗﺒﻨﻮﺍ ﺍﻟﻄﺮﻳﻘﺔ ﺍﻟﻌﻠﻤﻴﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﺒﺤﺚ ﻭﺍﻻﺳﺘﻘﺼﺎﺀ، ﻭﻃﻮﺭﻭﺍ ﻣﺎ ﻭﺭﺛﻮﻩ ﻋﻦ ﺍﻟﻴﻮﻧﺎﻧﻴﻴﻦ ﻣﻌﺘﻤﺪﻳﻦ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺘﺠﺮﺑﺔ ﺍﻟﻌﻠﻤﻴﺔ ﺍﻟﺘﻄﺒﻴﻘﻴﺔ، ﻭﻗﺪ ﺃﻛﺴﺒﺖ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻄﺮﻳﻘﺔ ﺃﻋﻤﺎﻟﻬﻢ ﺍﻟﻌﻠﻤﻴﺔ ﺍﻟﻮﺿﻮﺡ، ﺛﻢ ﺍﻻﻧﻄﻼﻕ ﻭﺍﻹﺑﺪﺍﻉ ﺍﻟﺬﻱ ﻋﺮﻓﺖ ﺑﻪ ﻣﻨﺠﺰﺍﺗﻬﻢ ﻓﻲ ﻣﺠﺎﻝ ﺍﻟﻄﺒﻴﻌﺔ ﻭﺍﻟﻜﻴﻤﻴﺎﺀ ﻭﺍﻟﻄﺐ ﻭﺍﻟﺼﻴﺪﻟﺔ ﻭﺧﻼﻓﻬﺎ (5).
ﺃﺷﻬﺮ ﺭﻭﺍﺩ ﺍﻟﻔﻴﺰﻳﺎﺀ ﺍﻟﻤﺴﻠﻤﻴﻦ ﻭﺃﻫﻢ ﺇﺳﻬﺎﻣﺎﺗﻬﻢ
ﻳﻌﺪ ﺍﻟﻘﺮﻥ ﺍﻟﺮﺍﺑﻊ ﺍﻟﻬﺠﺮﻱ ﺍﻟﻌﺼﺮ ﺍﻟﺬﻫﺒﻲ ﻟﻠﺤﻀﺎﺭﺓ ﺍﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﺍﻹﺳﻼﻣﻴﺔ ﻣﻦ ﺣﻴﺚ ﺍﻟﺘﻘﺪﻡ ﺍﻟﻌﻠﻤﻲ، ﻓﻘﺪ ﺗَﻮَّﺝ ﺍﻟﻌﻠﻤﺎﺀ ﺍﻟﻤﺴﻠﻤﻮﻥ ﺍﻟﻌﻠﻮﻡ ﺍﻟﺘﻄﺒﻴﻘﻴﺔ ﻭﺍﻟﺒﺤﺚ ﺧﻼﻟﻪ ﺑﺎﻻﻛﺘﺸﺎﻓﺎﺕ ﺍﻟﺮﺍﺋﻌﺔ، ﺧﺎﺻﺔ ﺑﻤﺎ ﺍﻫﺘﺪﻭﺍ ﺇﻟﻴﻪ ﻓﻲ ﺍﻷﺻﻮﺍﺕ، ﻭﻗﻮﺱ ﻗﺰﺡ ﻭﺍﻟﻜﺴﻮﻑ ﻭﺍﻟﺨﺴﻮﻑ ﻭﺍﻟﻈﻼﻝ، ﺑﺎﻹﺿﺎﻓﺔ ﺇﻟﻰ ﻣﺨﺘﺮﻋﺎﺗﻬﻢ ﻓﻲ ﻋﻠﻢ ﺍﻟﺤﻴﻞ.
ﻭﻗﺪ ﻛﺎﻥ ﻋﻠﻰ ﺭﺃﺱ ﻗﺎﺋﻤﺔ ﺍﻟﻌﻠﻤﺎﺀ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﺍﺷﺘﻐﻠﻮﺍ ﺑﺎﻟﻔﻴﺰﻳﺎﺀ: ﺍﺑﻦ ﺍﻟﻬﻴﺜﻢ (ﺍﻧﻈﺮ ﺇﻧﺠﺎﺯﺍﺗﻪ ﻓﻲ ﻣﺒﺤﺚ ﺍﻟﺒﺼﺮﻳﺎﺕ) ﻭﺃﺑﻨﺎﺀ ﻣﻮﺳﻰ ﺑﻦ ﺷﺎﻛﺮ ﻭﺍﻟﺨﺎﺯﻥ ﻭﺍﻟﺒﻴﺮﻭﻧﻲ ﻭﻏﻴﺮﻫﻢ ﻣﻤﻦ ﻳﺼﻌﺐ ﺣﺼﺮﻫﻢ، ﻭﻗﺪ ﺃﺳﻬﻢ ﻫﺆﻻﺀ ﺟﻤﻴﻌًﺎ ﻓﻲ ﺗﻄﻮﺭ ﻋﻠﻢ ﺍﻟﻔﻴﺰﻳﺎﺀ ﺑﻔﺮﻭﻋﻪ ﺍﻟﻤﺨﺘﻠﻔﺔ ﺑﻨﺴﺐ ﻣﺘﻔﺎﻭﺗﺔ، ﻭﻟﻢ ﻳﻜﻦ ﻫﻨﺎﻙ ﻣﻦ ﻳﻔﻮﻗﻬﻢ ﻓﻲ ﺃﻱ ﺃﻣﺔ ﻋﺎﺻﺮﺗﻬﻢ، ﻭﻫﺬﻩ ﻧﺒﺬﺓ ﺳﺮﻳﻌﺔ ﺗﻨﻮﻩ ﺑﺒﻌﻀﻬﻢ.
ﺍﻟﺸﻴﺦ ﺍﻟﺮﺋﻴﺲ ﺍﺑﻦ ﺳﻴﻨﺎ (370-428ﻫـ):
ﻫﻮ ﺃﺑﻮ ﻋﻠﻲ ﺍﻟﺤﺴﻴﻦ ﺑﻦ ﻋﺒﺪ ﺍﻟﻠﻪ ﺑﻦ ﺳﻴﻨﺎ، ﺃﻟﻒ ﻣﺎ ﻳﻘﺎﺭﺏ ﻣﺎﺋﺘﻴﻦ ﻭﺧﻤﺴﻴﻦ ﻣﺆﻟﻔﺎً ﺑﻴﻦ ﻛﺘﺎﺏ ﻭﺭﺳﺎﻟﺔ ﻭﻣﻘﺎﻟﺔ ﻓﻲ ﻛﻞ ﻣﻦ ﺍﻟﺮﻳﺎﺿﻴﺎﺕ ﻭﺍﻟﻤﻨﻄﻖ ﻭﺍﻷﺧﻼﻕ ﻭﺍﻟﻄﺒﻴﻌﻴﺎﺕ ﻭﺍﻟﻄﺐ ﻭﺍﻟﻔﻠﺴﻔﺔ، ﻭﺃﻫﻢ ﺇﻧﺠﺎﺯﺍﺕ ﺍﺑﻦ ﺳﻴﻨﺎ ﻓﻲ ﺍﻟﻄﺒﻴﻌﻴﺎﺕ ﻫﻮ ﻓﻲ ﻣﺠﺎﻝ ﺍﻟﻤﻴﻜﺎﻧﻴﻜﺎ، ﺣﻴﺚ ﺑﻴﻦ ﺍﺑﻦ ﺳﻴﻨﺎ ﺃﻧﻮﺍﻉ ﺍﻟﻘﻮﻯ ﻭﻋﻨﺎﺻﺮ ﺍﻟﺤﺮﻛﺔ ﻭﻣﻘﺎﻭﻣﺔ ﺍﻟﻮﺳﻂ ﺍﻟﻤﻨﻔﻮﺫ ﻓﻴﻪ، ﺗﻠﻚ ﺍﻟﻤﻘﺎﻭﻣﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﺗﻌﻤﻞ ﻋﻠﻰ ﺇﻓﻨﺎﺀ ﺍﻟﺤﺮﻛﺔ.
ﺃﻧﻮﺍﻉ ﺍﻟﻘﻮﻯ ﺍﻟﻤﺆﺛﺮﺓ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺠﺴﻢ:
ﻳﻘﺴﻢ ﺍﺑﻦ ﺳﻴﻨﺎ ﺍﻟﻘﻮﻯ ﺇﻟﻰ ﺛﻼﺛﺔ ﺃﻧﻮﺍﻉ، ﻓﺒﻴﻦ ﺃﻥ ﻫﻨﺎﻙ ﻗﻮﻯ ﻃﺒﻴﻌﻴﺔ ﺗﻌﻴﺪ ﺍﻷﺟﺴﺎﻡ ﺇﻟﻰ ﺣﺎﻟﺘﻬﺎ ﺍﻟﻄﺒﻴﻌﻴﺔ ﺇﻥ ﻫﻲ ﺃُﺑﻌﺪَﺕْ ﻋﻨﻬﺎ ﺳﻤﺎﻫﺎ ﺑﺎﻟﻘﻮﻯ ﺍﻟﻄﺒﻴﻌﻴﺔ، ﻭﻫﻲ ﺍﻟﺘﻲ ﻧﻌﺮﻓﻬﺎ ﺍﻟﻴﻮﻡ ﺑﻘﻮﺓ ﺍﻟﺘﺜﺎﻗﻞ ﺃﻭ ﺍﻟﺠﺎﺫﺑﻴﺔ ﺍﻷﺭﺿﻴﺔ، ﻭﺍﻟﻘﻮﺓ ﺍﻟﺜﺎﻧﻴﺔ ﻭﻫﻲ ﺍﻟﻘﻮﺓ ﺍﻟﻘﺴﺮﻳﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﺗﺠﺒﺮ ﺍﻟﺠﺴﻢ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺘﺤﺮﻙ ﺃﻭ ﺍﻟﺴﻜﻮﻥ، ﻭﺍﻟﻘﻮﺓ ﺍﻟﺜﺎﻟﺜﺔ ﻫﻲ ﺍﻟﻘﻮﺓ ﺍﻟﻜﺎﻣﻨﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﻔﻠﻚ ﺍﻟﻌﻠﻮﻱ، ﻭﻫﻲ ﺗﺤﺮﻙ ﺍﻟﺠﺴﻢ ﺑﺈﺭﺍﺩﺓ ﻣﺘﺠﻬﺔ ﺣﺴﺐ ﻗﻮﻟﻪ.
ﻋﻨﺎﺻﺮ ﺍﻟﺤﺮﻛﺔ:
ﻳﻌﺮﺽ ﺍﺑﻦ ﺳﻴﻨﺎ ﻓﻲ ﻛﺘﺎﺑﻪ (ﺍﻟﺸﻔﺎﺀ) ﺇﻟﻰ ﺃﻣﻮﺭ ﺳﺘﺔ ﺗﺘﻌﻠﻖ ﺑﺎﻟﺤﺮﻛﺔ ﻫﻲ: ﺍﻟﻤﺘﺤﺮﻙ ﻭﺍﻟﻤﺤﺮﻙ ﻭﻣﺎ ﻓﻴﻪ ﻭﻣﺎ ﻣﻨﻪ ﻭﻣﺎ ﺇﻟﻴﻪ ﻭﺍﻟﺰﻣﺎﻥ.
ﺍﻟﻘﺎﻧﻮﻥ ﺍﻷﻭﻝ ﻟﻠﺤﺮﻛﺔ:
ﺫﻛﺮ ﺍﺑﻦ ﺳﻴﻨﺎ ﻓﻲ ﻛﺘﺎﺑﻪ ﺍﻹﺷﺎﺭﺍﺕ ﻭﺍﻟﺘﻨﺒﻴﻬﺎﺕ ﺑﻠﻔﻈﻪ: "ﺇﻧﻚ ﺗﻌﻠﻢ ﺃﻥ ﺍﻟﺠﺴﻢ ﺇﺫﺍ ﺧﻠﻰ ﻭﻃﺒﺎﻋﻪ، ﻭﻟﻢ ﻳﺘﻌﺮﺽ ﻟﻪ ﻣﻦ ﺧﺎﺭﺝ ﺗﺄﺛﻴﺮ ﻏﺮﻳﺐ ﻟﻢ ﻳﻜﻦ ﻟﻪ ﺑﺪ ﻣﻦ ﻣﻮﺿﻊ ﻣﻌﻴﻦ ﻭﺷﻜﻞ ﻣﻌﻴﻦ، ﺇﺫﻥ ﻓﻲ ﻃﺒﺎﻋﺔ ﻣﺒﺪﺃ ﺍﺳﺘﻴﺠﺎﺏ ﺫﻟﻚ"، ﻛﻤﺎ ﻳﻘﻮﻝ ﻓﻲ ﺣﺮﻛﺔ ﺍﻟﺠﺴﻢ ﺍﻟﻤﻘﺬﻭﻑ: "ﺇﺫﺍ ﺣﻘﻘﻨﺎ ﺍﻟﻘﻮﻝ ﻭﺟﺪﻧﺎ ﺃﺻﺢ ﺍﻟﻤﺬﺍﻫﺐ ﻣﺬﻫﺐ ﻣﻦ ﻳﺮﻯ ﺃﻥ ﺍﻟﻤﺘﺤﺮﻙ ﻳﺴﺘﻔﻴﺪ ﻣﻴﻼً ﻣﻦ ﺍﻟﻤﺤﺮﻙ، ﻭﺍﻟﻤﻴﻞ ﻫﻮ ﻣﺎ ﻳﺤﺲ ﺑﺎﻟﺤﺲ ﺇﺫﺍ ﻣﺎ ﺣُﻮﻭِﻝ ﺃﻥ ﻳﺴﻜﻦ ﺍﻟﻄﺒﻴﻌﻲ ﺑﺎﻟﻘﺴﺮ، ﺃﻭ ﺍﻟﻘﺴﺮﻱ ﺑﺎﻟﻘﺴﺮ" ﺃﻱ ﺃﻥ ﺍﻟﺠﺴﻢ ﻓﻲ ﺣﺎﻟﺔ ﺗﺤﺮﻛﻪ ﻳﻜﻮﻥ ﻟﻪ ﻣﻴﻞ ﻟﻼﺳﺘﻤﺮﺍﺭ ﻓﻲ ﺣﺮﻛﺘﻪ، ﺑﺤﻴﺚ ﺇﺫﺍ ﺣﺎﻭﻟﻨﺎ ﺇﻳﻘﺎﻓﻪ ﺃﺣﺴﺴﻨﺎ ﺑﻤﺪﺍﻓﻌﺔ ﻳﺒﺪﻳﻬﺎ ﺍﻟﺠﺴﻢ ﻟﻠﺒﻘﺎﺀ ﻋﻠﻰ ﺣﺎﻟﺔ ﻣﻦ ﺍﻟﺤﺮﻛﺔ ﺳﻮﺍﺀ ﻛﺎﻧﺖ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺤﺮﻛﺔ ﻃﺒﻴﻌﻴﺔ ﺃﻭ ﻗﺴﺮﻳﺔ.
ﺗﺆﻛﺪ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻨﺼﻮﺹ ﺳﺒﻖ ﺍﺑﻦ ﺳﻴﻨﺎ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻘﺎﻧﻮﻥ ﺍﻷﻭﻝ ﻟﻠﺤﺮﻛﺔ ﻗﺒﻞ ﻟﻴﻮﻧﺎﺭﺩﻭ ﺩﺍﻓﻴﻨﺸﻲ ﺑﺄﻛﺜﺮ ﻣﻦ ﺃﺭﺑﻌﺔ ﻗﺮﻭﻥ، ﻭﻗﺒﻞ ﺟﺎﻟﻴﻠﻴﻮ ﺟﺎﻟﻴﻠﻲ ﺑﺄﻛﺜﺮ ﻣﻦ ﺧﻤﺴﺔ ﻗﺮﻭﻥ، ﻭﻗﺒﻞ ﺇﺳﺤﻖ ﻧﻴﻮﺗﻦ ﺑﺄﻛﺜﺮ ﻣﻦ ﺳﺘﺔ ﻗﺮﻭﻥ، ﻓﻬﻮ ﺑﺤﻖ ﻗﺎﻧﻮﻥ ﺍﺑﻦ ﺳﻴﻨﺎ ﺍﻷﻭﻝ ﻟﻠﺤﺮﻛﺔ.
ﺍﺳﺘﺤﺎﻟﺔ ﺍﻟﺤﺮﻛﺔ ﺍﻟﺪﺍﺋﻤﺔ (ﺍﻻﺣﺘﻜﺎﻙ):
ﻓﻄﻦ ﺍﻟﺸﻴﺦ ﺍﻟﺮﺋﻴﺲ ﺇﻟﻰ ﺃﻥ ﻣﻌﺎﻭﻗﺔ ﺍﻟﻮﺳﻂ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﺘﺤﺮﻙ ﺧﻼﻟﻪ ﺍﻟﺠﺴﻢ ﺗﺆﺩﻱ ﺇﻟﻰ ﺇﺑﻄﺎﻝ ﺍﻟﺤﺮﻛﺔ ﻓﻴﻪ، ﺛﻢ ﺫﻫﺐ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻘﻮﻝ ﺑﺎﺳﺘﺤﺎﻟﺔ ﺍﻟﺤﺮﻛﺔ ﺍﻟﺪﺍﺋﻤﺔ ﻓﻘﺎﻝ ﻓﻲ ﻛﺘﺎﺑﻪ (ﺍﻹﺷﺎﺭﺍﺕ ﻭﺍﻟﺘﻨﺒﻴﻬﺎﺕ) ﻣﺎ ﻧﺼﻪ: "ﻻ ﻳﺠﻮﺯ ﺃﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﻓﻲ ﺟﺴﻢ ﻣﻦ ﺍﻷﺟﺴﺎﻡ ﻗﻮﺓ ﻃﺒﻴﻌﻴﺔ ﺗﺤﺮﻙ ﺫﻟﻚ ﺍﻟﺠﺴﻢ ﺇﻟﻰ ﺑﻼ ﻧﻬﺎﻳﺔ"، ﻭﻫﻮ ﻳﺴﺒﻖ ﺑﺬﻟﻚ ﻟﻴﻮﻧﺎﺭﺩﻭ ﺩﺍﻓﻴﻨﺸﻲ ﺍﻟﺬﻱ ﺫﻫﺐ ﺇﻟﻰ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻤﺬﻫﺐ ﻓﻲ ﻋﺼﺮ ﺍﻟﻨﻬﻀﺔ ﺍﻷﻭﺭﻭﺑﻴﺔ (11).
ﺍﻟﺒﻴﺮﻭﻧﻲ:
ﻛﺎﻥ ﺍﻟﺒﻴﺮﻭﻧﻲ (362 - 441ﻫـ) ﺛﺎﻟﺚ ﺛﻼﺛﺔ - ﺑﻌﺪ ﺍﺑﻦ ﺳﻴﻨﺎ ﻭﺍﺑﻦ ﺍﻟﻬﻴﺜﻢ - ﺍﺯﺩﻫﺮﺕ ﺑﻬﻢ ﺍﻟﺤﻀﺎﺭﺓ ﺍﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﺍﻹﺳﻼﻣﻴﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﻔﺘﺮﺓ ﻣﻦ ﻣﻨﺘﺼﻒ ﺍﻟﻘﺮﻥ ﺍﻟﺮﺍﺑﻊ ﺍﻟﻬﺠﺮﻱ ﺇﻟﻰ ﻣﻨﺘﺼﻒ ﺍﻟﻘﺮﻥ ﺍﻟﺨﺎﻣﺲ ﺍﻟﻬﺠﺮﻱ، ﻭﻳﺬﻫﺐ ﺑﻌﺾ ﻣﺆﺭﺧﻲ ﺍﻟﻌﻠﻮﻡ ﻣﺜﻞ ﺍﻷﻟﻤﺎﻧﻲ ﺇﺩﻭﺍﺭﺩ ﺳﺨﺎﻭ (ﺕ 1348ﻫـ،1930ﻡ) ﺇﻟﻰ ﺃﻥ ﺍﻟﺒﻴﺮﻭﻧﻲ ﺃﻋﻈﻢ ﻋﻘﻠﻴﺔ ﻋﺮﻓﻬﺎ ﺍﻟﺘﺎﺭﻳﺦ.
ﻳﻜﺎﺩ ﻳﻜﻮﻥ ﺍﻟﺒﻴﺮﻭﻧﻲ ﻗﺪ ﺃﻟَّﻒ ﻓﻲ ﻛﻞ ﻓﺮﻭﻉ ﺍﻟﻤﻌﺮﻓﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﻋﻬﺪﻫﺎ ﻋﺼﺮﻩ؛ ﻓﻘﺪ ﻛﺘﺐ ﻓﻲ ﺍﻟﺮﻳﺎﺿﻴﺎﺕ ﻭﺍﻟﻔﻠﻚ ﻭﺍﻟﺘﻨﺠﻴﻢ ﻭﺍﻟﺤﻜﻤﺔ ﻭﺍﻷﺩﻳﺎﻥ ﻭﺍﻟﺘﺎﺭﻳﺦ ﻭﺍﻟﺠﻐﺮﺍﻓﻴﺎ ﻭﺍﻟﺠﻴﻮﻟﻮﺟﻴﺎ ﻭﺍﻷﺣﻴﺎﺀ ﻭﺍﻟﺼﻴﺪﻟﺔ، ﺃﻣﺎ ﻓﻲ ﻣﺠﺎﻝ ﺍﻟﻄﺒﻴﻌﻴﺎﺕ ﻓﻘﺪ ﺍﻫﺘﻢ ﺑﺎﻟﺨﻮﺍﺹ ﺍﻟﻔﻴﺰﻳﺎﺋﻴﺔ ﻟﻜﺜﻴﺮ ﻣﻦ ﺍﻟﻤﻮﺍﺩ، ﻭﺗﻨﺎﻭﻟﺖ ﺃﺑﺤﺎﺛﻪ ﻋﻠﻢ ﻣﻴﻜﺎﻧﻴﻜﺎ ﺍﻟﻤﻮﺍﻧﻊ ﻭﺍﻟﻬﻴﺪﺭﻭﺳﺘﺎﺗﻴﻜﺎ، ﻭﻟﺠﺄ ﻓﻲ ﺑﺤﻮﺛﻪ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺘﺠﺮﺑﺔ ﻭﺟﻌﻠﻬﺎ ﻣﺤﻮﺭًﺍ ﻻﺳﺘﻨﺘﺎﺟﺎﺗﻪ، ﻛﻤﺎ ﺍﻧﻀﻢ ﻣﻊ ﺍﺑﻦ ﺳﻴﻨﺎ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﺷﺎﺭﻛﻮﺍ ﺍﺑﻦ ﺍﻟﻬﻴﺜﻢ ﻓﻲ ﺭﺃﻳﻪ ﺍﻟﻘﺎﺋﻞ ﺑﺄﻥ ﺍﻟﻀﻮﺀ ﻳﺄﺗﻲ ﻣﻦ ﺍﻟﺠﺴﻢ ﺍﻟﻤﺮﺋﻲ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻌﻴﻦ.
ﻭﻣﻦ ﺟﻤﻠﺔ ﺍﻫﺘﻤﺎﻣﺎﺗﻪ ﺑﺎﻟﺨﻮﺍﺹ ﺍﻟﻔﻴﺰﻳﺎﺋﻴﺔ ﻟﻠﻤﻮﺍﺩ ﺍﻟﺘﻲ ﻭﺭﺩﺕ ﻓﻲ ﻛﺘﺐ ﻣﺘﻔﺮﻗﺔ ﻙ(ﺍﻟﻘﺎﻧﻮﻥ ﺍﻟﻤﺴﻌﻮﺩﻱ)، ﻭ(ﺍﻟﺠﻤﺎﻫﺮ ﻓﻲ ﺍﻟﺠﻮﺍﻫﺮ) ﻭﺻﻔُﻪُ ﻟﻠﻤﺎﺱ ﺑﺄﻧﻪ ﺟﻮﻫﺮ ﻣُﺸِﻒّ، ﻭﺃﻧﻪ ﺻﻠﺪ ﻳﻜﺴﺮ ﺟﻤﻴﻊ ﺍﻷﺣﺠﺎﺭ ﻭﻻ ﻳﻨﻜﺴﺮ ﺑﻬﺎ، ﻭﻫﺬﻩ ﺻﻔﺔ ﻓﻴﺰﻳﺎﺋﻴﺔ ﻣﻤﻴﺰﺓ ﻟﻠﻤﺎﺱ ﺣﻴﺚ ﻳﺴﺘﺨﺪﻡ ﺣﺘﻰ ﺍﻵﻥ ﻟﻘﻄﻊ ﺍﻟﺰﺟﺎﺝ، ﻭﻳﺴﺘﺨﺪﻡ ﻣﺴﺤﻮﻗﻪ ﻟﺼﻘﻞ ﺍﻟﻤﻌﺎﺩﻥ ﻭﺗﻨﻌﻴﻤﻬﺎ، ﺃﻣﺎ ﺧﺸﺐ ﺍﻷﺑﻨﻮﺱ ﻋﻨﺪﻩ ﻓﺈﻧﻪ ﻳﻀﻲﺀ ﻛﺎﻟﻠﺆﻟﺆ، ﺗﻔﻮﺡ ﻣﻨﻪ ﺭﺍﺋﺤﺔ ﻃﻴﺒﺔ ﻭﻻ ﻳﻄﻔﻮ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻤﺎﺀ ﻷﻥ ﺛﻘﻠﻪ ﺍﻟﻨﻮﻋﻲ ﺃﻛﺜﺮ ﻣﻦ ﻭﺍﺣﺪ، ﻛﻤﺎ ﻳﺸﻴﺮ ﺇﻟﻰ ﺃﻥ ﻛﻞ ﺍﻷﺣﺠﺎﺭ ﺍﻟﻜﺮﻳﻤﺔ ﺗﻄﻔﻮ ﻓﻲ ﺍﻟﺰﺋﺒﻖ ﻣﺎ ﺧﻼ ﺍﻟﺬﻫﺐ ﻓﺈﻧﻪ ﻳﺮﺳﺐ ﻓﻴﻪ ﺑﻔﻀﻞ ﺍﻟﺜﻘﻞ.
ﻭﻣﻦ ﺃﺑﺮﺯ ﻣﺎ ﻗﺎﻡ ﺑﻪ ﺍﻟﺒﻴﺮﻭﻧﻲ ﺃﻧﻪ ﺗﻮﺻﻞ ﺇﻟﻰ ﺗﺤﺪﻳﺪ ﺍﻟﺜﻘﻞ ﺍﻟﻨﻮﻋﻲ ﻟـ 18 ﻋﻨﺼﺮًﺍ ﻣﺮﻛﺒًﺎ ﺑﻌﻀﻬﺎ ﻣﻦ ﺍﻷﺣﺠﺎﺭ ﺍﻟﻜﺮﻳﻤﺔ ﻣﺴﺘﺨﺪﻣًﺎ ﺍﻟﺠﻬﺎﺯ ﺍﻟﻤﺨﺮﻭﻃﻲ، ﻭﻗﺪ ﺍﺳﺘﺨﺮﺝ ﻗﻴﻢ ﺍﻟﺜﻘﻞ ﺍﻟﻨﻮﻋﻲ ﻟﻬﺬﻩ ﺍﻟﻌﻨﺎﺻﺮ ﻣﻨﺴﻮﺑﺔ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺬﻫﺐ ﻣﺮﺓ ﻭﺇﻟﻰ ﺍﻟﻤﺎﺀ ﻣﺮﺓ ﺃﺧﺮﻯ، ﻭﻟﻪ ﺟﺪﺍﻭﻝ ﺣﺪﺩ ﻓﻴﻬﺎ ﻗﻴﻢ ﺍﻟﺜﻘﻞ ﺍﻟﻨﻮﻋﻲ ﻟﺒﻌﺾ ﺍﻷﺣﺠﺎﺭ ﺍﻟﻜﺮﻳﻤﺔ ﻣﻨﺴﻮﺑﺔ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻴﺎﻗﻮﺕ ﻋﻠﻰ ﺃﺳﺎﺱ ﺍﻟﻮﺯﻥ ﺍﻟﻨﻮﻋﻲ ﻟﻠﻴﺎﻗﻮﺕ = 100 ﺛﻢ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻤﺎﺀ.
ﻭﻓﻲ ﻇﺎﻫﺮﺓ ﺍﻟﺠﺎﺫﺑﻴﺔ ﻛﺎﻥ ﺍﻟﺒﻴﺮﻭﻧﻲ ﻣﻊ ﺍﺑﻦ ﺍﻟﺤﺎﺋﻚ، ﻣﻦ ﺍﻟﺮﻭﺍﺩ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﻗﺎﻟﻮﺍ ﺑﺄﻥ ﻟﻸﺭﺽ ﺧﺎﺻﻴﺔ ﺟﺬﺏ ﺍﻷﺟﺴﺎﻡ ﻧﺤﻮ ﻣﺮﻛﺰﻫﺎ، ﻭﻗﺪ ﺗﻨﺎﻭﻝ ﺫﻟﻚ ﻓﻲ ﺁﺭﺍﺀ ﺑﺜﻬﺎ ﻓﻲ ﻛﺘﺐ ﻣﺨﺘﻠﻔﺔ، ﻭﻟﻜﻦ ﺃﺷﻬﺮ ﺁﺭﺍﺋﻪ ﻓﻲ ﺫﻟﻚ ﺿﻤﻨﻬﺎ ﻛﺘﺎﺑﻪ ﺍﻟﻘﺎﻧﻮﻥ ﺍﻟﻤﺴﻌﻮﺩﻱ.
ﻭﻣﻦ ﺍﻟﻤﺴﺎﺋﻞ ﺍﻟﻔﻴﺰﻳﺎﺋﻴﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﺗﻨﺎﻭﻟﻬﺎ ﺍﻟﺒﻴﺮﻭﻧﻲ ﻓﻲ ﻛﺘﺎﺑﺎﺗﻪ ﻇﺎﻫﺮﺓ ﺗﺄﺛﻴﺮ ﺍﻟﺤﺮﺍﺭﺓ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﻌﺎﺩﻥ، ﻭﺿﻐﻂ ﺍﻟﺴﻮﺍﺋﻞ ﻭﺗﻮﺍﺯﻧﻬﺎ، ﻭﺗﻔﺴﻴﺮ ﺑﻌﺾ ﺍﻟﻈﻮﺍﻫﺮ ﺍﻟﻤﺘﻌﻠﻘﺔ ﺑﺴﺮﻳﺎﻥ ﺍﻟﻤﻮﺍﺋﻊ، ﻭﻇﺎﻫﺮﺓ ﺍﻟﻤﺪ ﻭﺍﻟﺠﺰﺭ ﻭﺳﺮﻳﺎﻥ ﺍﻟﻀﻮﺀ، ﻓﻘﺪ ﻻﺣﻆ ﺃﻥ ﺍﻟﻤﻌﺎﺩﻥ ﺗﺘﻤﺪَّﺩ ﻋﻨﺪ ﺗﺴﺨﻴﻨﻬﺎ، ﻭﺗﻨﻜﻤﺶ ﺇﺫﺍ ﺗﻌﺮﺿﺖ ﻟﻠﺒﺮﻭﺩﺓ.
ﻭﺃﻭﻟﻰ ﻣﻼﺣﻈﺎﺗﻪ ﻓﻲ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺸﺄﻥ ﻛﺎﻧﺖ ﻓﻲ ﺗﺄﺛﻴﺮ ﺗﺒﺎﻳﻦ ﺩﺭﺟﺔ ﺍﻟﺤﺮﺍﺭﺓ ﻓﻲ ﺩﻗﺔ ﺃﺟﻬﺰﺓ ﺍﻟﺮﺻﺪ، ﺣﻴﺚ ﺗﻄﺮﺃ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﺗﻐﻴﺮﺍﺕ ﻓﻲ ﺍﻟﻄﻮﻝ ﻭﺍﻟﻘﺼﺮ ﻓﻲ ﻗﻴﻆ ﺍﻟﻨﻬﺎﺭ ﻭﺻﻘﻴﻊ ﺁﺧﺮ ﺍﻟﻠﻴﻞ، ﻭﺗﻌﺮﺽ ﻓﻲ ﻛﺘﺎﺑﻪ (ﺍﻵﺛﺎﺭ ﺍﻟﺒﺎﻗﻴﺔ ﻋﻦ ﺍﻟﻘﺮﻭﻥ ﺍﻟﺨﺎﻟﻴﺔ) ﻟﻤﻴﻜﺎﻧﻴﻜﺎ ﺍﻟﻤﻮﺍﺋﻊ؛ ﻓﺸﺮﺡ ﺍﻟﻈﻮﺍﻫﺮ ﺍﻟﺘﻲ ﺗﻘﻮﻡ ﻋﻠﻰ ﺿﻐﻂ ﺍﻟﺴﻮﺍﺋﻞ ﻭﺍﺗﺰﺍﻧﻬﺎ ﻭﺗﻮﺍﺯﻧﻬﺎ، ﻭﺃﻭﺿﺢ ﺻﻌﻮﺩ ﻣﻴﺎﻩ ﺍﻟﻨﺎﻓﻮﺭﺍﺕ ﻭﺍﻟﻌﻴﻮﻥ ﺇﻟﻰ ﺃﻋﻠﻰ ﻣﺴﺘﻨﺪًﺍ ﺇﻟﻰ ﺧﺎﺻﻴﺔ ﺳﻠﻮﻙ ﺍﻟﺴﻮﺍﺋﻞ ﻓﻲ ﺍﻷﻭﺍﻧﻲ ﺍﻟﻤﺴﺘﻄﺮﻗﺔ.
ﻛﻤﺎ ﺷﺮﺡ ﺗﺠﻤﻊ ﻣﻴﺎﻩ ﺍﻵﺑﺎﺭ ﺑﺎﻟﺮﺷﺢ ﻣﻦ ﺍﻟﺠﻮﺍﻧﺐ ﺣﻴﺚ ﻳﻜﻮﻥ ﻣﺼﺪﺭﻫﺎ ﻣﻦ ﺍﻟﻤﻴﺎﻩ ﺍﻟﻘﺮﻳﺒﺔ ﻣﻨﻬﺎ، ﻭﺗﻜﻮﻥ ﺳﻄﻮﺡ ﻣﺎ ﻳﺠﺘﻤﻊ ﻣﻨﻬﺎ ﻣﻮﺍﺯﻳﺔ ﻟﺘﻠﻚ ﺍﻟﻤﻴﺎﻩ، ﻭﺑﻴَّﻦ ﻛﻴﻒ ﺗﻔﻮﺭ ﺍﻟﻌﻴﻮﻥ ﻭﻛﻴﻒ ﻳﻤﻜﻦ ﺃﻥ ﺗﺼﻌﺪ ﻣﻴﺎﻫﻬﺎ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻘﻼﻉ ﻭﺭﺅﻭﺱ ﺍﻟﻤﻨﺎﺭﺍﺕ. ﻭﺗﺤﺪﺙ ﻋﻦ ﻇﺎﻫﺮﺓ ﺍﻟﻤﺪ ﻭﺍﻟﺠﺰﺭ ﻓﻲ ﺍﻟﺒﺤﺎﺭ ﻭﺍﻷﻧﻬﺎﺭ ﻭﻋﺰﺍﻫﻤﺎ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺘﻐﻴﺮ ﺍﻟﺪﻭﺭﻱ ﻟﻮﺟﻪ ﺍﻟﻘﻤﺮ (12).
وشگرآآآ اخوگم ALMAESTRO
ﻭﻟﻠﻔﻴﺰﻳﺎﺀ ﻣﻜﺎﻧﺔ ﻣﺘﻤﻴﺰﺓ ﻓﻲ ﺍﻟﻔﻜﺮ ﺍﻹﻧﺴﺎﻧﻲ، ﻓﻬﻲ ﺗﺄﺛﺮﺕ ﻛﻤﺎ ﻛﺎﻥ ﻟﻬﺎ ﺍﻷﺛﺮ ﺍﻟﺤﺎﺳﻢ ﻓﻲ ﺑﻌﺾ ﺍﻟﺤﻘﻮﻝ ﺍﻟﻤﻌﺮﻓﻴﺔ ﻭﺍﻟﻌﻠﻤﻴﺔ ﺍﻷﺧﺮﻯ ﻣﺜﻞ ﺍﻟﻔﻠﺴﻔﺔ ﻭ ﺍﻟﺮﻳﺎﺿﻴﺎﺕ ﻭﻋﻠﻢ ﺍﻷﺣﻴﺎﺀ. ﻭﻟﻘﺪ ﺗﺠﺴﺪﺕ ﺃﻏﻠﺐ ﺍﻟﺘّﻄﻮﺭﺍﺕ ﺍﻟﺘﻲ ﺃﺣﺪﺛﺘﻬﺎ ﺑﺸﻜﻞ ﻋﻤﻠﻲ ﻓﻲ ﻋﺪّﺓ ﻗﻄﺎﻋﺎﺕ ﻣﻦ ﺍﻟﺘﻘﻨﻴﺔ ﻭﺍﻟﻄﺐ. ﻓﻌﻠﻰ ﺳﺒﻴﻞ ﺍﻟﻤﺜﺎﻝ، ﺃﺩﻯ ﺍﻟﺘّﻘﺪﻡ ﻓﻲ ﻓﻬﻢ ﺍﻟﻜﻬﺮﻭﻣﻐﻨﺎﻃﻴﺴﻴﺔ ﺇﻟﻰ ﺍﻻﻧﺘﺸﺎﺭ ﺍﻟﻮﺍﺳﻊ ﻓﻲ ﺍﺳﺘﺨﺪﺍﻡ ﺍﻷﺟﻬﺰﺓ ﺍﻟﻜﻬﺮﺑﺎﺋﻴﺔ ﻣﺜﻞ ﺍﻟﺘﻠﻔﺎﺯ ﻭﺍﻟﺤﺎﺳﻮﺏ؛ ﻭ ﻛﺬﻟﻚ ﺗﻄﺒﻴﻘﺎﺕ ﺍﻟﺪﻳﻨﺎﻣﻴﻜﺎ ﺍﻟﺤﺮﺍﺭﻳﺔ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺘﻄﻮﺭ ﺍﻟﻤﺬﻫﻞ ﻓﻲ ﻣﺠﺎﻝ ﺍﻟﻤﺤﺮﻛﺎﺕ ﻭﻭﺳﺎﺋﻞ ﺍﻟﻨﻘﻞ ﺍﻟﺤﺪﻳﺜﺔ؛ ﻭ ﺍﻟﻤﻴﻜﺎﻧﻴﻜﺎ ﺍﻟﻜﻤﻴﺔ ﺇﻟﻰ ﺍﺧﺘﺮﺍﻉ ﻣﻌﺪﺍﺕ ﻣﺜﻞ ﺍﻟﻤﺠﻬﺮ ﺍﻹﻟﻜﺘﺮﻭﻧﻲ؛ ﻛﻤﺎ ﻛﺎﻥ ﻟﻌﺼﺮ ﺍﻟﺬﺭﺓ، ﺑﺠﺎﻧﺐ ﺁﺛﺎﺭﻩ ﺍﻟﻤﺪﻣﺮﺓ، ﺍﺳﺘﻌﻤﺎﻻﺕ ﻫﺎﻣﺔ ﻓﻲ ﻋﻼﺝ ﺍﻟﺴﺮﻃﺎﻥ ﻭﺗﺸﺨﻴﺺ ﺍﻷﻣﺮﺍﺽ ﻭﺗﻮﻟﻴﺪ ﺍﻟﻄﺎﻗﺔ.
ﻣﻌﻈﻢ ﺍﻟﻔﻴﺰﻳﺎﺋﻴﻴﻦ ﺍﻟﻴﻮﻡ ﻳﻜﻮﻧﻮﻥ ﻣﺘﺨﺼﺼﻴﻦ ﻓﻲ ﻣﺠﺎﻟﻴﻦ ﻣﺘﻜﺎﻣﻠﻴﻦ ﻭﻫﻤﺎ ﺍﻟﻔﻴﺰﻳﺎﺀ ﺍﻟﻨﻈﺮﻳﺔ ﺃﻭ ﺍﻟﻔﻴﺰﻳﺎﺀ ﺍﻟﺘﺠﺮﻳﺒﻴﺔ، ﻭﺗﻬﺘﻢ ﺍﻷﻭﻟﻰ ﺑﺼﻴﺎﻏﺔ ﺍﻟﻨﻈﺮﻳﺎﺕ ﺑﺈﻋﺘﻤﺎﺩ ﻧﻤﺎﺫﺝ ﺭﻳﺎﺿﻴﺔ، ﻓﻴﻤﺎ ﺗﻬﺘﻢ ﺍﻟﺜﺎﻧﻴﺔ ﺑﺈﺟﺮﺍﺀ ﺍﻻﺧﺘﺒﺎﺭﺍﺕ ﻋﻠﻰ ﺗﻠﻚ ﺍﻟﻨﻈﺮﻳﺎﺕ، ﺑﺎﻹﺿﺎﻓﺔ ﺇﻟﻰ ﺍﻛﺘﺸﺎﻑ ﻇﻮﺍﻫﺮ ﻃﺒﻴﻌﻴﺔ ﺟﺪﻳﺪﺓ. ﻭﺑﺎﻟﺮﻏﻢ ﻣﻦ ﺍﻟﻜﻢ ﺍﻟﻬﺎﺋﻞ ﻣﻦ ﺍﻻﻛﺘﺸﺎﻓﺎﺕ ﺍﻟﻤﻬﻤّﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﺣﻘﻘﺘﻬﺎ ﺍﻟﻔﻴﺰﻳﺎﺀ ﻓﻲ ﺍﻟﻘﺮﻭﻥ ﺍﻷﺭﺑﻌﺔ ﺍﻟﻤﺎﺿﻴﺔ، ﺇﻻ ﺃﻥ ﺍﻟﻌﺪﻳﺪ ﻣﻦ ﺍﻟﻤﺴﺎﺋﻞ ﻻ ﺗﺰﺍﻝ ﺑﺪﻭﻥ ﺣﻠﻮﻝ ﺇﻟﻰ ﺣﺪ ﺍﻵﻥ [4]، ﻛﻤﺎ ﺃﻥ ﻫﻨﺎﻙ ﻣﺠﺎﻻﺕ ﻧﻈﺮﻳﺔ ﻭﺗﻄﺒﻴﻘﻴﺔ ﺗﺸﻬﺪ ﻧﺸﺎﻃﺎً ﻭﺃﺑﺤﺎﺛﺎً ﻣﻜﺜّﻔﺔ.
ﻣﻼﺣﻈﺔ: ﺍﻋﺘﺒﺎﺭ ﺃﻥ " ﺍﻟﻔﻴﺰﻳﺎﺀ ﻓﺮﻉ ﻣﻦ ﺍﻟﺮﻳﺎﺿﻴﺎﺕ" ﻋﺒﺎﺭﺓ ﺧﺎﻃﺌﺔ ﺗﻤﺎﻣﺎً, ﻷﻥ ﺍﻟﻨﻤﺎﺫﺝ ﺍﻟﺮﻳﺎﺿﻴﺔ ﺗﺴﺘﻌﻤﻞ ﻓﻲ ﻋﻠﻢ ﺍﻟﻔﻴﺰﻳﺎﺀ ﻓﻘﻂ ﻟﺘﺴﻬﻴﻞ ﻓﻬﻢ ﺍﻟﻈﻮﺍﻫﺮ ﺍﻟﻔﻴﺰﻳﺎﺋﻴﺔ. ﻭﺃﻥ ﻣﻀﺎﻣﻴﻦ ﺍﻟﻨﻤﺎﺫﺝ ﺍﻟﺮﻳﺎﺿﻴﺔ ﻓﻲ ﺃﻱ ﻋﻠﻢ ﻣﻦ ﺍﻟﻌﻠﻮﻡ ﺍﻟﻄﺒﻴﻌﻴﺔ ﻻ ﻳﺘﺪﺧﻞ ﻓﻲ ﺷﺄﻧﻬﺎ ﻋﻠﻢ ﺍﻟﺮﻳﺎﺿﻴﺎﺕ ﻓﺎﻟﻤﻌﺎﺩﻟﺔ ﺍﻟﻔﻴﺰﻳﺎﺋﻴﺔ ﺍﻟﺮﻳﺎﺿﻴﺔ ﻫﻲ ﻟﻐﺔ ﺍﻟﻔﻴﺰﻳﺎﺀ]
ﻟﺤﺴﻦ ﺣﻆ ﺍﻟﻌﺎﻟﻢ، ﻓﺈﻥ ﻣﻴﺮﺍﺙ ﺍﻟﻔﻼﺳﻔﺔ ﺍﻟﻴﻮﻧﺎﻥ ﺍﻧﻔﺬ ﻣﻦ ﺍﻟﻀﻴﺎﻉ ﺑﻞ ﻭﺃﺛﺮﻱ ﻭﻧﻘﺢ ﻭﺑﺈﺿﺎﻓﺎﺕ ﻭﺗﺼﺤﻴﺤﺎﺕ ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﺟﺎﺀ ﻓﻲ ﺍﻟﺘﺮﺍﺙ ﺍﻹﻏﺮﻳﻘﻲ.ﻭﺃﻥ ﻋﺪﺩﺍ ﻣﻦ ﺍﻟﻌﻠﻤﺎﺀ ﺍﻟﻤﺴﻠﻤﻴﻦ ﺃﺣﺎﻁ ﺑﻤﻌﺮﻓﺔ ﺍﻷﻭﻟﻴﻦ ﻣﻦ ﺃﻣﺜﺎﻝ ﺃﺭﺳﻄﻮ ﻭﺑﻄﻠﻴﻤﻮﺱ (ﻭﻏﻴﺮﻫﻢ) ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻠﻐﺔ ﺍﻟﻌﺮﺑﻴﺔ، ﻭﻋﻠﻘﻮﺍ ﺗﻌﻠﻴﻘﺎﺕ ﻋﻈﻴﻤﺔ ﻋﻠﻴﻬﺎﻭﻗﺪﻣﻮﺍ ﻋﺪﺩﺍ ﻣﻦ ﺍﻻﺑﺘﻜﺎﺭﺍﺕ ﻓﻲ ﻣﺠﺎﻝ ﻋﻠﻢ ﺍﻟﻔﻠﻚ، ﻭﺍﻟﺒﺼﺮﻳﺎﺕ، ﻭﺍﻟﺮﻳﺎﺿﻴﺎﺕ (ﺑﻤﺎ ﻓﻲ ﺫﻟﻚ ﺍﺳﺘﺨﺪﺍﻡ "ﺍﻷﺭﻗﺎﻡ ﺍﻟﻌﺮﺑﻴﺔ" ، ﻛﺎﺩﺧﺎﻝ ﺍﻟﺼﻔﺮ ﻛﻤﺘﻐﻴﺮ). ﻓﻌﻠﻰ ﺳﺒﻴﻞ ﺍﻟﻤﺜﺎﻝ ، ﺁﻟﺒﺘﺎﻧﻲ (858-929) ﻗﺪﻡ ﺗﺤﺴﻴﻨﺎﺕ ﻟﺒﻄﻠﻴﻤﻮﺱ ﺣﻮﻝ ﻣﺪﺍﺭﺍﺕ ﺍﻟﺸﻤﺲ ﻭﺍﻟﻘﻤﺮ ، ﺟﻤﻊ ﻭﺍﻛﺘﺸﻒ ﻋﺪﺩ ﻣﻦ ﺍﻟﻨﺠﻮﻡ ﻭﺑﻴﻦ ﻣﺪﺍﺭﺍﺗﻬﺎ ، ﻭﻋﻤﻞ ﻋﻠﻰ ﺍﻳﺠﺎﺩ ﺃﺩﻭﺍﺕ ﻓﻠﻜﻴﺔ ﺟﺪﻳﺪﺓ. (ﺍﺑﻦ ﺑﺎﺟﺔ ( 1095-1138) ﻭﺿﻊ ﺑﻴﻦ ﺧﻄﺎ ﺍﻷﻓﻼﻃﻮﻧﻴﺔ ﺍﻟﺠﺪﻳﺪﺓ ﺍﺗﻠﻲ ﺃﺗﻰ ﺑﻬﺎ ﺍﻟﻔﻴﻠﺴﻮﻑ ﺟﻮﻥ ﺍﻓﻼﻃﻮﻧﻴﺲ. ﺍﻟﻘﺮﻥ ﺍﻟﺴﺎﺩﺱ ﻡ) ، ﻛﺎﻥ ﻳﻌﺘﻘﺪ ﺯﻣﻦ ﺳﻘﻮﻁ ﻛﺘﻠﺔ ﻳﺘﻨﺎﺳﺐ ﻣﻊ ﻭﺯﻧﻬﺎ. ﺑﻌﺪ ﺳﻘﻮﻁ ﺍﻻﻧﺪﻟﺲ ﺧﻼﻝ ﺍﻟﻘﺮﻥ ﺍﻟﺜﺎﻧﻲ ﻋﺸﺮ ، ﺃﺻﺒﺤﺖ ﺍﻟﻌﻠﻮﻡ ﺍﻟﻘﺪﻳﻤﺔ ﻣﺘﺎﺣﺔ ﻣﺮﺓ ﺃﺧﺮﻯ ﻓﻲ ﺍﻟﻐﺮﺏ ﺍﻟﻼﺗﻴﻨﻲ. ﺍﻟﻤﻌﻠﻘﻮﻥ ﺍﻟﻌﺮﺏ ﻣﺜﻞ ﺍﺑﻦ ﺭﺷﺪ (ﺍﺑﻦ ﺭﺷﺪ، 1126-1198) ﻭﺃﺻﺒﺢ ﺫﺍ ﻧﻔﻮﺫ ﻣﻦ ﺑﻴﻦ ﺍﻟﻤﺘﺮﺟﻤﻴﻦ ﻷﻥ ﺗﺮﺟﺘﻪ ﻷﺭﺳﻄﻮ ﻛﺎﻧﺖ ﺃﻗﺮﺏ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻨﺼﻮﺹ ﺍﻷﺻﻠﻴﺔ ﻭﻣﺨﺘﻠﻔﺔ ﺗﻤﺎﻣﺎ ﻋﻦ ﻭﻃﺄﺓ ﺍﻟﻜﻨﻴﺴﺔ ﻭﺍﻟﺘﺮﺟﻤﺎﺕ ﺍﻟﻤﺤﺮﻓﺔ ﻭﺍﻟﺘﻲ ﺃﻟﻔﻬﺎ ﺍﻟﻐﺮﺏ . ﺗﻄﻮﺭﺕ ﺍﻟﻔﻴﺰﻳﺎﺀ ﻛﻤﺎ ﻧﻌﺮﻓﻬﺎ ﺍﻟﻴﻮﻡ، ﻣﻦ ﺳﻠﺴﻠﺔ ﺍﻟﻤﻼﺣﻈﺎﺕ ﺍﻟﺘﻲ ﺟﻤﻌﺘﻬﺎ ﺍﻟﺤﻀﺎﺭﺍﺕ ﺍﻟﻘﺪﻳﻤﺔ ﺣﻮﻝ ﻣﺨﺘﻠﻒ ﺍﻟﻈﻮﺍﻫﺮ ﺍﻟﻄّﺒﻴﻌﻴﺔ ﻭﺧﺎﺻﺔ ﻣﻨﻬﺎ ﺍﻟﻔﻠﻜﻴﺔ، ﻭﺍﻟﻤﺘﻌﻠﻘﺔ ﺑﺎﻟﺘﻘﻮﻳﻢ ﻭﺗﻘﺪﻳﺮ ﺍﻟﺰﻣﻦ، ﻛﺤﺮﻛﺔ ﺍﻟﺸّﻤﺲ ﻭﺃﺩﻭﺍﺭ ﺍﻟﻘﻤﺮ ﻭﺗﺸﻜﻴﻼﺕ ﺍﻟﻨﺠﻮﻡ. ﻭﻗﺪ ﺗﻮﺻﻞ ﺍﻟﻔﻼﺳﻔﺔ ﺍﻹﻏﺮﻳﻘﻴﻮﻥ ﺇﻟﻰ ﺍﺳﺘﻨﺒﺎﻁ ﻧﻈﺮﻳﺎﺕ ﺃﻭﻟﻴﺔ ﻟﺘﻔﺴﻴﺮ ﺗﻠﻚ ﺍﻟﻈﻮﺍﻫﺮ، ﻭﺫﻟﻚ ﺑﺎﺗﺒﺎﻉ ﻣﻨﻬﺞ ﻣﻨﻄﻘﻲ ﻭﺍﺳﺘﺪﻻﻟﻲ ﺑﺤﺖ ﻓﻲ ﻣﺎ ﻳﺴﻤﻰ ﺑﺎﻟﻔﻠﺴﻔﺔ ﺍﻟﻄّﺒﻴﻌﻴﺔ. ﻭﻛﺎﻥ ﻟﻠﺤﻀﺎﺭﺓ ﺍﻟﻌﺮﺑﻴﺔ-ﺍﻹﺳﻼﻣﻴﺔ ﺩﻭﺭ ﺭﺋﻴﺴﻲ ﻓﻲ ﺑﺪﺍﻳﺔ ﺻﻴﺎﻏﺔ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻌﻠﻢ (ﺍﻟﺬﻱ ﻛﺎﻥ ﻳﻌﺮﻑ ﺑﺎﻟﻄﺒﻴﻌﻴﺎﺕ)، ﺧﺎﺻﺔ ﻣﻊ ﺇﺳﻬﺎﻣﺎﺕ ﺍﻟﺤﺴﻦ ﺑﻦ ﺍﻟﻬﻴﺜﻢ، ﻭﺍﻟﺬﻱ ﻳﻌﺘﺒﺮ ﺭﺍﺋﺪ ﺍﻟﻤﻨﻬﺞ ﺍﻟﻌﻠﻤﻲ ﻓﻲ ﻛﺘﺎﺑﻪ ﺍﻟﻤﻨﺎﻇﺮ، ﻭﺃﺑﻮ ﺍﻟﺮﻳﺤﺎﻥ ﺍﻟﺒﻴﺮﻭﻧﻲ ﻓﻲ ﻣﺎ ﻳﺨﺘﺺ ﺑﺤﺮﻛﺔ ﺍﻷﺟﺴﺎﻡ ﻭﺍﻷﻭﺯﺍﻥ ﺍﻟﻨﻮﻋﻴﺔ [5].
ﺑﻌﺾ ﺍﻟﻌﻠﻤﺎﺀ ﺍﻟﻤﺴﻠﻤﻴﻦ
• ﺍﻷﺻﻤﻌﻲ 740
• ﺍﻟﺪﻳﻨﻮﺭﻱ 758
• ﺍﻟﺠﺎﺣﻆ 776
• ﺍﻟﺨﻮﺍﺭﺯﻣﻲ 780
• ﺍﻟﻜﻨﺪﻱ 801
• ﺟﺎﺑﺮ ﺑﻦ ﺣﻴﺎﻥ ﺗﻮﻓﻲ 803
• ﺛﺎﺑﺖ ﺑﻦ ﻗﺮﺓ 836
• ﻋﺒﺎﺱ ﺑﻦ ﻓﺮﻧﺎﺱ ﺗﻮﻓﻲ 888
• ﺍﻟﻄﺒﺮﻱ 838
• ﺍﻟﺒﺘﺎﻧﻲ 858
• ﺍﻟﻔﺮﻏﺎﻧﻲ 860
• ﺍﻟﺮﺍﺯﻱ 864
• ﺍﻟﻔﺎﺭﺍﺑﻲ 870
• ﺃﺑﻮ ﺣﺴﻦ ﻋﻠﻲ ﺍﻟﻤﺴﻌﻮﺩﻱ957
• ﺍﻟﺼﻮﻓﻲ 903
• ﺍﺑﻦ ﻓﻀﻼﻥ 921
• ﺍﻟﺰﻫﺮﺍﻭﻱ 936
• ﻣﺤﻤﺪ ﺍﻟﺒﺰﺟﺎﻧﻲ 940
• ﺍﻟﻤﻘﺪﺳﻲ 946
• ﺍﺑﻦ ﺍﻟﻬﻴﺜﻢ 965
• ﺍﻟﻤﺎﻭﺭﺩﻱ 972
• ﺍﻟﺒﻴﺮﻭﻧﻲ 973
• ﺍﺑﻦ ﺳﻴﻨﺎ 981
• ﻣﺴﻠﻤﺔ ﺍﺑﻦ ﺃﺣﻤﺪ ﺍﻟﻤﺠﺮﻳﻄﻲ 1007
• ﺍﺑﻦ ﺍﻟﺠﺰﺍﺭ 1010
• ﺍﻟﺰﺭﻗﺎﻟﻲ 1028
• ﺍﺑﻦ ﺍﻟﺬﻫﺒﻲ 1033
• ﻋﻤﺮ ﺍﻟﺨﻴﺎﻡ 1044
• ﺍﻟﻐﺰﺍﻟﻲ 1058
• ﺍﺑﻦ ﺟﺒﻴﺮ 1044
• ﺍﺑﻦ ﺯﻫﺮ 1091
• ﺍﻻﺩﺭﻳﺴﻲ ﻓﻲ 1099
• ﺍﺑﻦ ﻃﻔﻴﻞ 1110
• ﺍﺑﻦ ﺭﺷﺪ 1128
• ﺍﺑﻦ ﺟﺒﻴﺮ 1144
• ﺍﻟﺒﻴﺘﺮﻭﺟﻲ ﺗﻮﻓﻲ 1204
• ﺍﺑﻦ ﺍﻟﺒﻴﻄﺎﺭ 1248
• ﺟﻼﻝ ﺍﻟﺪﻳﻦ ﺍﻟﺮﻭﻣﻲ 1207
• ﺍﻟﺠﺰﺭﻱ 1206
• ﺍﺑﻦ ﺍﻟﻨﻔﻴﺲ 1210
• ﺍﺑﻦ ﺑﻄﻮﻃﺔ 1304
• ﺍﺑﻦ ﺧﻠﺪﻭﻥ 1332
ﻭﺃﺩﻯ ﺗﻄﻮﺭ ﺍﻟﻤﻨﻬﺞ ﺍﻟﻌﻠﻤﻲ، ﺧﻼﻝ ﺍﻟﻘﺮﻥ ﺍﻟﺴﺎﺑﻊ ﻋﺸﺮ، ﺇﻟﻰ ﻭﺿﻊ ﺃﺳﺲ ﻋﻠﻢ ﺍﻟﻔﻴﺰﻳﺎﺀ ﺍﻟﺤﺪﻳﺚ ﻣﻦ ﻗﺒﻞ ﻓﺮﺍﻧﺴﻴﺲ ﺑﻴﻜﻮﻥ ﻭﻏﺎﻟﻴﻠﻴﻮ ﻏﺎﻟﻴﻠﻲ ﻭﺇﺳﺤﺎﻕ ﻧﻴﻮﺗﻦ ﻭﻓﺼﻠﻪ ﻧﻬﺎﺋﻴﺎ ﻋﻦ ﺍﻟﻔﻠﺴﻔﺔ. ﻭﻗﺪ ﺗﻤﻜﻦ ﻫﺬﺍ ﺍﻷﺧﻴﺮ ﻣﻦ ﺗﺸﻜﻴﻞ ﺍﻟﻤﺒﺎﺩﺉ ﺍﻷﺳﺎﺳﻴﺔ ﻟﻠﻤﻴﻜﺎﻧﻴﻜﺎ ﺍﻟﻜﻼﺳﻴﻜﻴﺔ، ﻭﻫﻲ ﺗﺼﻒ ﺇﻟﻰ ﺣﺪ ﺍﻵﻥ ﻭﺑﺸﻜﻞ ﺟﻴﺪ ﻗﻮﺍﻧﻴﻦ ﺍﻟﺤﺮﻛﺔ ﻭﺍﻟﻘﻮﻯ ﻭﺍﻟﻄﺎﻗﺔ، ﻋﻠﻰ ﻣﺴﺘﻮﻯ ﺣﻴﺎﺗﻨﺎ ﺍﻟﻴﻮﻣﻴﺔ. ﻭﻗﺪ ﺗﺤﻘﻖ ﺫﻟﻚ ﺑﻔﻀﻞ ﺍﻛﺘﺸﺎﻓﻪ، ﻣﻊ ﻏﻮﺗﻔﺮﻳﺪ ﻻﻳﺒﻨﺘﺰ، ﻷﺣﺪ ﺃﻫﻢ ﺃﺩﻭﺍﺕ ﺍﻟﻔﻴﺰﻳﺎﺀ ﺍﻟﺮﻳﺎﺿﻴﺔ ﻭﻫﻮ ﺍﻟﺤﺴﺎﺏ ﺍﻟﺘﻔﺎﺿﻠﻲ.
ﻭﻓﻲ ﺍﻟﻘﺮﻥ ﺍﻟﺜﺎﻣﻦ ﻋﺸﺮ، ﺃﺛﻨﺎﺀ ﺍﻟﺜﻮﺭﺓ ﺍﻟﺼﻨﺎﻋﻴﺔ، ﺗﻄﻮﺭﺕ ﻣﻔﺎﻫﻴﻢ ﻧﻘﻞ ﺍﻟﺤﺮﺍﺭﺓ، ﻭﺗﺒﺎﺩﻝ ﺍﻟﻄﺎﻗﺔ، ﻭﻋﻤﻞ ﺍﻟﻤﺤﺮﻛﺎﺕ، ﻭﺍﻧﺘﺸﺮﺕ ﻣﺒﺎﺩﺉ ﻣﺎ ﻳﻌﺮﻑ ﺑﺎﻟﺪﻳﻨﺎﻣﻴﻜﺎ ﺍﻟﺤﺮﺍﺭﻳﺔ ﻭﺍﻟﻤﻴﻜﺎﻧﻴﻜﺎ ﺍﻹﺣﺼﺎﺋﻴﺔ.
ﺃﻣﺎ ﻓﻲ ﺍﻟﻘﺮﻥ ﺍﻟﺘﺎﺳﻊ ﻋﺸﺮ، ﻓﺎﻛﺘﺸﻔﺖ ﺍﻟﻘﻮﺍﻧﻴﻦ ﺍﻷﺳﺎﺳﻴﺔ ﻟﻠﻜﻬﺮﻭﻣﻐﻨﺎﻃﻴﺴﻴﺔ ﻭﺍﻟﻄّﺒﻴﻌﺔ ﺍﻟﻤﻮﺟﻴﺔ ﻟﻠﻀﻮﺀ، ﻭﻛﺬﻟﻚ ﺑﻨﻴﺔ ﺍﻟﻤﺎﺩﺓ ﺍﻟﺬّﺭﻳﺔ ﻭﻗﻮﺍﻧﻴﻦ ﺍﻹﺷﻌﺎﻉ.
ﻭﻣﻊ ﺑﺪﺍﻳﺎﺕ ﺍﻟﻘﺮﻥ ﺍﻟﻌﺸﺮﻳﻦ، ﻇﻬﺮﺕ ﺻﻴﺎﻏﺎﺕ ﻧﻈﺮﻳﺔ ﺟﺪﻳﺪﺓ ﺃﻣﺎﻡ ﻋﺠﺰ ﺍﻟﻤﻴﻜﺎﻧﻴﻜﺎ ﺍﻟﻜﻼﺳﻴﻜﻴﺔ ﻓﻲ ﺗﻔﺴﻴﺮ ﺑﻌﺾ ﺟﻮﺍﻧﺐ ﺍﻟﻀﻮﺀ ﻭﺩﻳﻨﺎﻣﻴﻜﺎ ﺍﻟﺠﺴﻴﻤﺎﺕ ﺍﻟﺬﺭﻳﺔ. ﻭﺗﻮﺻﻞ ﺃﻟﺒﺮﺕ ﺃﻳﻨﺸﺘﺎﻳﻦ ﺇﻟﻰ ﻭﺿﻊ ﻧﻈﺮﻳﺔ ﺍﻟﻨﺴﺒﻴﺔ ﺍﻟﺨﺎﺻﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﺗﺼﻒ ﺍﻷﺟﺴﺎﻡ ﺍﻟﻤﺘﺤﺮﻛﺔ ﺑﺴﺮﻋﺔ ﺗﻘﺎﺭﺏ ﺳﺮﻋﺔ ﺍﻟﻀﻮﺀ ﻭﺗﺄﺛﻴﺮﺍﺕ ﺫﻟﻚ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻤﻔﺎﻫﻴﻢ ﺍﻟﺒﺪﻳﻬﻴﺔ ﻟﻠﻤﻜﺎﻥ ﻭﺍﻟﺰﻣﻦ، ﻭﺑﻌﺪ ﺫﻟﻚ ﻟﻨﻈﺮﻳﺔ ﺍﻟﻨﺴﺒﻴﺔ ﺍﻟﻌﺎﻣﺔ، ﺍﻟﺘﻲ ﺗﺼﻒ ﻃﺒﻴﻌﺔ ﻗﻮﺓ ﺍﻟﺠﺎﺫﺑﻴﺔ ﻭﻋﻼﻗﺘﻬﺎ ﺑﻬﻨﺪﺳﺔ ﺍﻟﺰﻣﻜﺎﻥ
[ﺗﻌﺮﻳﻒ ﺍﻟﻔﻴﺰﻳﺎﺀ ﻭﺃﻗﺴﺎﻣﻬﺎ
ﺍﻟﻔﻴﺰﻳﺎﺀ ﻟﻔﻆ ﺍﺷﺘﻖ ﻣﻦ ﺍﻟﻴﻮﻧﺎﻧﻴﺔ ﻓﻴﺰﻳﻜﻮﺱ ( φυσικη ) ﺑﻤﻌﻨﻰ ﻃﺒﻴﻌﻲ، ﻭﺍﻟﻜﻠﻤﺔ ﻣﺸﺘﻘﺔ ﻣﻦ ﺍﻟﺠﺬﺭ ﻓﻴﺰﻳﺲ ( φύσις ) ﺑﻤﻌﻨﻰ ﻃﺒﻴﻌﺔ.
ﻭﺑﺼﻔﺔ ﻋﺎﻣﺔ ﻓﺈﻥ ﺍﻟﻌﻠﻮﻡ ﺍﻟﻔﻴﺰﻳﺎﺋﻴﺔ ﺗﻬﺘﻢ ﺑﺪﺭﺍﺳﺔ ﺳﻠﻮﻙ ﻭﺗﻔﺎﻋﻼﺕ ﺍﻟﻤﺎﺩﺓ ﻓﻲ ﺍﻹﻃﺎﺭ ﺍﻟﻤﻜﺎﻧﻲ ﻭﺍﻟﺰﻣﻨﻲ، ﻭﻫﻮ ﻣﺎ ﻳﻌﺮﻑ ﺑﺎﺳﻢ ﺍﻟﻈﻮﺍﻫﺮ ﺍﻟﻔﻴﺰﻳﺎﺋﻴﺔ، ﻭﻳﺘﻢ ﺍﻟﺘﻌﺒﻴﺮ ﻋﻦ ﺍﻟﻨﻈﺮﻳﺎﺕ ﺍﻟﻔﻴﺰﻳﺎﺋﻴﺔ ﺑﻤﻌﺎﺩﻻﺕ ﺭﻳﺎﺿﻴﺔ، ﻭﻳﻄﻠﻖ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻨﻈﺮﻳﺎﺕ ﺍﻟﻔﻴﺰﻳﺎﺋﻴﺔ ﺍﺳﻢ ﻗﻮﺍﻧﻴﻦ ﺍﻟﻔﻴﺰﻳﺎﺀ ﺇﺫﺍ ﻣﺎ ﺃﺛﺒﺘﺘﻬﺎ ﺍﻟﺘﺠﺮﺑﺔ، ﻭﻟﻜﻦ ﺑﺮﻏﻢ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺘﺴﻤﻴﺔ ﻓﺈﻧﻪ ﻳﻤﻜﻦ ﺍﻟﻄﻌﻦ ﻓﻲ ﺑﻌﺾ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻘﻮﺍﻧﻴﻦ.
ﻭﻋﻠﻢ ﺍﻟﻔﻴﺰﻳﺎﺀ ﻓﻲ ﺍﻷﺳﺎﺱ ﻋﻠﻢ ﺗﺠﺮﻳﺒﻲ ﻳﻌﺘﻤﺪ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻤﻼﺣﻈﺔ ﻭﺍﻟﻘﻴﺎﺳﺎﺕ ﺍﻟﺪﻗﻴﻘﺔ ﻻﺳﺘﻨﺒﺎﻁ ﺍﻟﻘﻮﺍﻧﻴﻦ، ﻭﺍﻟﻮﺻﻮﻝ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻨﻈﺮﻳﺎﺕ ﺍﻟﺘﻲ ﺗﺴﺎﻋﺪﻧﺎ ﻋﻠﻰ ﻓﻬﻢ ﺍﻟﻈﻮﺍﻫﺮ ﺍﻟﻄﺒﻴﻌﻴﺔ، ﻭﻣﻦ ﺛﻢ ﺗﺴﺨﻴﺮﻫﺎ ﻟﻤﺎ ﻓﻴﻪ ﻓﺎﺋﺪﺓ ﻟﻺﻧﺴﺎﻥ؛ ﻟﺬﺍ ﻓﺈﻥ ﻋﻠﻢ ﺍﻟﻔﻴﺰﻳﺎﺀ ﻳﻌﻴﻨﻨﺎ ﻋﻠﻰ ﻓﻬﻢ ﺍﻟﻜﺜﻴﺮ ﻣﻤﺎ ﻓﻲ ﻋﺎﻟﻤﻨﺎ ﻭﻣﻤﺎ ﻳﺤﻴﻂ ﺑﻨﺎ، ﻫﺬﺍ ﺑﺎﻹﺿﺎﻓﺔ ﺇﻟﻰ ﺃﻥ ﻋﻠﻢ ﺍﻟﻔﻴﺰﻳﺎﺀ ﻳُﻌَﺪُّ ﺃﺳﺎﺳﺎً ﻟﺠﻤﻴﻊ ﺍﻟﻌﻠﻮﻡ ﺍﻟﺘﻄﺒﻴﻘﻴﺔ ﻭﺍﻟﺘﻘﻨﻴﺔ، ﻭﻣﻦ ﻫﻨﺎ ﺗﺄﺗﻲ ﺃﻫﻤﻴﺔ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻌﻠﻢ ﻭﺿﺮﻭﺭﺓ ﻓﻬﻤﻪ ﻭﺍﺳﺘﻴﻌﺎﺑﻪ ﻭﺗﺪﺭﻳﺴﻪ ﻓﻲ ﻛﺎﻓﺔ ﺍﻟﺘﺨﺼﺼﺎﺕ ﺍﻟﻌﻠﻤﻴﺔ ﺃﻭ ﺍﻟﻬﻨﺪﺳﻴﺔ ﺃﻭ ﺍﻟﻄﺒﻴﺔ (1).
ﻓﻌﻠﻢ ﺍﻟﻔﻴﺰﻳﺎﺀ ﻫﻮ ﺍﻟﻘﺎﻋﺪﺓ ﺍﻷﺳﺎﺳﻴﺔ ﻟﻤﺨﺘﻠﻒ ﺍﻟﻌﻠﻮﻡ ﻓﻬﻮ ﻳﻘﺪﻡ ﺍﻟﺘﻔﺎﺻﻴﻞ ﺍﻟﻌﻤﻴﻘﺔ ﻟﻔﻬﻢ ﻛﻞ ﺷﻲﺀ ﺑﺪﺀﺍً ﺑﺎﻟﺠﺴﻴﻤﺎﺕ ﺍﻷﻭﻟﻴﺔ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻨﻮﺍﺓ ﻭﺍﻟﺬﺭﺓ ﻭﺍﻟﺠﺰﻳﺌﺎﺕ ﻭﺍﻟﺨﻼﻳﺎ ﺍﻟﺤﻴﺔ ﻭﺍﻟﻤﻮﺍﺩ ﺍﻟﺼﻠﺒﺔ ﻭﺍﻟﺴﺎﺋﻠﺔ ﻭﺍﻟﻐﺎﺯﺍﺕ ﻭﺍﻟﺒﻼﺯﻣﺎ (ﺍﻟﺤﺎﻟﺔ ﺍﻟﺮﺍﺑﻌﺔ ﻟﻠﻤﺎﺩﺓ) ﻭﺍﻟﺪﻣﺎﻍ ﺍﻟﺒﺸﺮﻱ ﻭﺍﻷﻧﻈﻤﺔ ﺍﻟﻤﻌﻘﺪﺓ ﻭﺍﻟﻜﻤﺒﻴﻮﺗﺮﺍﺕ ﺍﻟﺴﺮﻳﻌﺔ ﻭﺍﻟﻐﻼﻑ ﺍﻟﺠﻮﻱ ﻭﺍﻟﻜﻮﺍﻛﺐ ﻭﺍﻟﻨﺠﻮﻡ ﻭﺍﻟﻤﺠﺮﺍﺕ ﻭﺍﻟﻜﻮﻥ ﻧﻔﺴﻪ. ﺃﻱ ﺃﻥ ﺍﻟﻔﻴﺰﻳﺎﺋﻴﻴﻦ ﻳﺨﺘﺼﻮﻥ ﺑﻤﻌﺮﻓﺔ ﺍﺻﻐﺮ ﻋﻨﺼﺮ ﻟﻬﺬﺍ ﺍﻟﻜﻮﻥ ﻭﻫﻮ ﺍﻟﺠﺴﻴﻤﺎﺕ ﺍﻷﻭﻟﻴﺔ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻜﻮﻥ ﺍﻟﻔﺴﻴﺢ ﻣﺮﻭﺭﺍ ﺑﺎﻟﺘﻔﺎﺻﻴﻞ ﺍﻟﺘﻲ ﺫﻛﺮﻧﺎﻫﺎ (2).
ﻓﻤﺜﻼً ﻳﺼﻤﻢ ﺍﻟﻤﻬﻨﺪﺳﻮﻥ ﺍﻟﺴﻴﺎﺭﺍﺕ ﻭﺍﻟﻄﺎﺋﺮﺍﺕ ﺑﻨﺎﺀً ﻋﻠﻰ ﻣﺒﺎﺩﺉ ﻣﻌﻴﻨﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﻔﻴﺰﻳﺎﺀ، ﻭﻣﻜﻨﺖ ﻗﻮﺍﻧﻴﻦ ﻭﻧﻈﺮﻳﺎﺕ ﺍﻟﻔﻴﺰﻳﺎﺀ ﺍﻟﻤﻬﻨﺪﺳﻴﻦ ﻭﺍﻟﻌﻠﻤﺎﺀ ﻣﻦ ﻭﺿﻊ ﺍﻟﻤﺮﻛﺒﺎﺕ ﺍﻟﻔﻀﺎﺋﻴﺔ ﻓﻲ ﻣﺴﺎﺭﺍﺗﻪ، ﻭﻣﻦ ﺍﺳﺘﻘﺒﺎﻝ ﻣﻌﻠﻮﻣﺎﺕ ﺗﺮﺳﻠﻬﺎ ﺃﻗﻤﺎﺭ ﺍﻟﻔﻀﺎﺀ ﺍﻟﺘﻲ ﺗﺠﻮﺏ ﻣﻨﺎﻃﻖ ﺑﻌﻴﺪﺓ ﻣﻦ ﺍﻟﻤﺠﻤﻮﻋﺔ ﺍﻟﺸﻤﺴﻴﺔ، ﻭﺃﺩﺕ ﺑﺤﻮﺙ ﺍﻟﻔﻴﺰﻳﺎﺀ ﺇﻟﻰ ﺍﺳﺘﺨﺪﺍﻡ ﺍﻟﻤﻮﺍﺩ ﺍﻟﻤﺸﻌﺔ ﻓﻲ ﺩﺭﺍﺳﺔ ﻭﺗﺸﺨﻴﺺ ﻭﻋﻼﺝ ﺃﻣﺮﺍﺽ ﻣﻌﻴﻨﺔ، ﺑﺎﻹﺿﺎﻓﺔ ﺃﻥ ﻣﺒﺎﺩﺉ ﺍﻟﻔﻴﺰﻳﺎﺀ ﻭﺭﺍﺀ ﺗﺼﻤﻴﻢ ﻛﺜﻴﺮ ﻣﻦ ﺍﻷﺟﻬﺰﺓ ﺍﻟﻤﻨﺰﻟﻴﺔ ﻣﻦ ﺍﻟﻤﻜﺎﻧﺲ ﺍﻟﻜﻬﺮﺑﺎﺋﻴﺔ ﺇﻟﻰ ﻣﺴﺠﻼﺕ ﺍﻟﻔﻴﺪﻳﻮ (3).
ﺃﻗﺴﺎﻡ ﺍﻟﻔﻴﺰﻳﺎﺀ:
ﺗﻨﻘﺴﻢ ﻋﻠﻮﻡ ﺍﻟﻔﻴﺰﻳﺎﺀ ﺇﻟﻰ ﻣﺠﻤﻮﻋﺘﻴﻦ ﻛﺒﻴﺮﺗﻴﻦ ﻫﻤﺎ:
ﺍﻟﻔﻴﺰﻳﺎﺀ ﺍﻟﺘﻘﻠﻴﺪﻳﺔ: ﻭﺗﻌﺘﻨﻲ ﺑﺎﻷﺳﺌﻠﺔ ﺣﻮﻝ ﺍﻟﺤﺮﻛﺔ ﻭﺍﻟﻄﺎﻗﺔ، ﻭﺃﻗﺴﺎﻣﻬﺎ ﺧﻤﺴﺔ ﻫﻲ:
ﺍﻟﻤﻴﻜﺎﻧﻴﻜﺎ، ﻭﺍﻟﺤﺮﺍﺭﺓ، ﻭﺍﻟﺼﻮﺕ، ﻭﺍﻟﻜﻬﺮﺑﺎﺀ ﻭﺍﻟﻤﻐﻨﺎﻃﻴﺴﻴﺔ، ﻭﺍﻟﻀﻮﺀ.
ﺍﻟﻔﻴﺰﻳﺎﺀ ﺍﻟﺤﺪﻳﺜﺔ: ﻭﺗﻌﺘﻨﻲ ﺑﺪﺭﺍﺳﺔ ﺍﻟﺘﺮﻛﻴﺐ ﺍﻷﺳﺎﺳﻲ ﻟﻠﻌﺎﻟﻢ ﺍﻟﻤﺎﺩﻱ، ﻭﺃﻗﺴﺎﻣﻬﺎ ﺍﻷﺳﺎﺳﻴﺔ ﻫﻲ:
1- ﺍﻟﻔﻴﺰﻳﺎﺀ ﺍﻟﺬﺭﻳﺔ ﻭﺍﻟﺠﺰﻳﺌﻴﺔ ﻭﺍﻹﻟﻜﺘﺮﻭﻧﻴﺎﺕ. 2- ﺍﻟﻔﻴﺰﻳﺎﺀ ﺍﻟﻨﻮﻭﻳﺔ. 3- ﻓﻴﺰﻳﺎﺀ ﺍﻟﺠﺴﻴﻤﺎﺕ. 4- ﻓﻴﺰﻳﺎﺀ ﺍﻟﻄﺎﻗﺔ ﺍﻟﺼﻠﺒﺔ. 5- ﻓﻴﺰﻳﺎﺀ ﺍﻟﻤﻮﺍﺋﻊ ﻭﺍﻟﺒﻼﺯﻣﺎ (4).
ﺍﻟﺤﻀﺎﺭﺍﺕ ﺍﻟﻘﺪﻳﻤﺔ ﻭﺑﺪﺍﻳﺔ ﺍﻟﻔﻴﺰﻳﺎﺀ ﻓﻲ ﺍﻹﺳﻼﻡ
ﻭﺻﻠﺖ ﺍﻟﻔﻴﺰﻳﺎﺀ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻤﺴﻠﻤﻴﻦ ﻋﺒﺮ ﺍﻟﻴﻮﻧﺎﻧﻴﻴﻦ، ﻭﻗﺪ ﺍﺗﻜﺄ ﺍﻟﻤﺴﻠﻤﻮﻥ ﻋﻨﺪ ﻣﻤﺎﺭﺳﺘﻬﻢ ﻟﻬﺬﺍ ﺍﻟﻌﻠﻢ ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﻛﺎﻥ ﻟﺪﻯ ﺍﻟﻴﻮﻧﺎﻧﻴﻴﻦ ﻭﻣﺎ ﻛﺎﻥ ﻟﻐﻴﺮﻫﻢ ﻣﻦ ﺍﻟﺸﻌﻮﺏ ﺍﻟﻘﺪﻳﻤﺔ، ﻓﻘﺪ ﻧﻘﻠﻮﺍ ﻋﻦ ﺍﻟﻴﻮﻧﺎﻥ ﺁﺭﺍﺀﻫﻢ ﻓﻲ ﺍﻧﻜﺴﺎﺭ ﺍﻟﻀﻮﺀ، ﻭﺍﻟﻤﺮﺍﻳﺎ ﺍﻟﻤﺤﺮﻗﺔ، ﻭﺍﻟﺠﺎﺫﺑﻴﺔ، ﻭﺍﻟﺜﻘﻞ ﺍﻟﻨﻮﻋﻲ، ﻭﺍﻟﻘﻮﺍﻧﻴﻦ ﺍﻟﻤﺎﺋﻴﺔ، ﻭﻟﻜﻨﻬﻢ ﻟﻢ ﻳﻘﺘﺼﺮﻭﺍ ﻋﻠﻰ ﻣﺠﺮﺩ ﺍﻟﻨﻘﻞ، ﺑﻞ ﺗﻮﺳﻌﻮﺍ ﻭﺃﺿﺎﻓﻮﺍ ﺇﺿﺎﻓﺎﺕ ﺟﺪﻳﺪﺓ ﻣﻦ ﺍﺑﺘﻜﺎﺭﺍﺗﻬﻢ.
ﻭﺇﻧﻪ ﻭﻋﻠﻰ ﺍﻟﺮﻏﻢ ﻣﻦ ﺍﻫﺘﻤﺎﻡ ﺍﻟﻤﺴﻠﻤﻴﻦ ﺑﺎﻟﻔﻴﺰﻳﺎﺀ، ﺇﻻ ﺃﻥ ﺫﻟﻚ ﺍﻻﻫﺘﻤﺎﻡ ﻟﻢ ﻳﺮﻕَ ﺇﻟﻰ ﻣﺎ ﻧﺎﻟﺘﻪ ﺍﻟﻜﻴﻤﻴﺎﺀ ﻣﻦ ﻋﻨﺎﻳﺔ، ﻓﻘﺪ ﺑﺪﺍ ﻋﻠﻢ ﺍﻟﻜﻴﻤﻴﺎﺀ - ﻋﻠﻰ ﺳﺒﻴﻞ ﺍﻟﻤﺜﺎﻝ - ﻟﺪﻳﻬﻢ ﻣﺴﺘﻘﻼً ﻭﺍﺿﺤًﺎ ﻣﻨﺬ ﻣﻄﻠﻊ ﻧﻬﻀﺘﻬﻢ ﺍﻟﻌﻠﻤﻴﺔ، ﺃﻣﺎ ﺍﻟﻔﻴﺰﻳﺎﺀ ﻓﻘﺪ ﻛﺎﻧﺖ ﺗﻤﺜﻞ ﺟﺎﻧﺒًﺎ ﻣﻦ ﺍﻟﺮﻳﺎﺿﻴﺎﺕ ﺣﻴﻨًﺎ ﺃﻭ ﻓﺮﻋًﺎ ﻣﻦ ﻓﺮﻭﻉ ﻋﻠﻢ ﻣﺎ ﻭﺭﺍﺀ ﺍﻟﻄﺒﻴﻌﺔ ﺣﻴﻨًﺎ ﺁﺧﺮ؛ ﻟﺬﺍ ﻧﺠﺪ ﺃﻥ ﻛﺜﻴﺮًﺍ ﻣﻦ ﺍﻟﻤﻌﻠﻮﻣﺎﺕ ﺍﻟﺘﻲ ﺃﺩﻟﻮﺍ ﺑﻬﺎ ﺣﻮﻝ ﻋﻠﻢ ﺍﻟﻤﻴﻜﺎﻧﻴﻜﺎ ﻣﺒﺜﻮﺛﺔ ﻓﻲ ﻛﺘﺐ ﺍﻟﻔﻠﺴﻔﺔ، ﻭﻟﻴﺲ ﻓﻲ ﻛﺘﺐ ﺍﻟﻌﻠﻮﻡ ﻛﻤﺎ ﻗﺪ ﻳﺘﺒﺎﺩﺭ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺬﻫﻦ، ﻷﻧﻬﻢ ﺍﻋﺘﺒﺮﻭﺍ ﺃﻥ ﻓﻜﺮﺓ ﺍﻟﺰﻣﺎﻥ ﻭﺍﻟﻤﻜﺎﻥ ﻭﺍﻟﺤﺮﻛﺔ ﻛﻠﻬﺎ ﺃﻓﻜﺎﺭ ﺗﻨﺘﻤﻲ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻔﻠﺴﻔﺔ، ﻭﻟﻬﻢ ﻓﻲ ﻣﺨﺘﻠﻒ ﻓﺮﻭﻉ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻌﻠﻢ ﻣﻼﺣﻈﺎﺕ ﻛﺜﻴﺮﺓ ﺻﺎﺋﺒﺔ ﻭﻣﻼﺣﻈﺎﺕ ﺃﺧﺮﻯ ﻏﻴﺮ ﺻﺎﺋﺒﺔ ﻣﺒﺜﻮﺛﺔ ﻓﻲ ﺗﺼﺎﻧﻴﻒ ﻛﺜﻴﺮﺓ ﻣﺘﻨﻮﻋﺔ.
ﻭﻻ ﻳﻨﺒﻐﻲ ﺃﻥ ﻳﺘﺒﺎﺩﺭ ﻟﻠﺬﻫﻦ ﺃﻧﻬﻢ ﻛﺎﻧﻮﺍ ﻣﺘﺄﺧﺮﻳﻦ ﻓﻲ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻌﻠﻢ ﻷﻧﻬﻢ ﻟﻢ ﻳﻌﺘﻨﻮﺍ ﺑﻪ ﻋﻨﺎﻳﺘﻬﻢ ﺑﺎﻟﻜﻴﻤﻴﺎﺀ، ﻓﻬﻢ ﻓﻲ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻌﻠﻢ ﻗﺪ ﺑَﺰُّﻭﺍ ﺍﻷﻣﻢ ﺍﻟﻤﻌﺎﺻﺮﺓ ﻟﻬﻢ ﻓﻲ ﻛﺜﻴﺮ ﻣﻦ ﻓﺮﻭﻋﻪ ﻣﺜﻞ: ﺍﻟﺒﺼﺮﻳﺎﺕ، ﻭﺍﻟﻤﻴﻜﺎﻧﻴﻜﺎ، ﻛﻤﺎ ﺧﺮﺟﻮﺍ ﺑﺂﺭﺍﺀ ﻃﻴﺒﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﺠﺎﺫﺑﻴﺔ ﻭﺍﻟﻤﻐﻨﺎﻃﻴﺲ، ﻭﺍﻟﺼﻮﺕ ﺍﻟﺬﻱ ﻃﺒﻘﻮﺍ ﻣﺒﺎﺩﺋﻪ ﻋﻠﻰ ﻋﻠﻢ ﺍﻟﻤﻮﺳﻴﻘﻰ، ﻭﺍﻟﺜﻘﻞ ﺍﻟﻨﻮﻋﻲ ﻭﻏﻴﺮ ﺫﻟﻚ، ﻭﻗﺎﻡ ﻋﻠﻤﺎﺀ ﺃﻓﺬﺍﺫ ﺑﻄﺮﺡ ﻧﻈﺮﻳﺎﺕ ﺟﺪﻳﺪﺓ ﻭﺑﺤﻮﺙ ﻣﺒﺘﻜﺮﺓ، ﻭﻛﺎﻥ ﻣﻦ ﺑﻴﻦ ﻫﺆﻻﺀ ﺍﻟﻌﻠﻤﺎﺀ ﺃﺑﻨﺎﺀ ﻣﻮﺳﻰ ﺑﻦ ﺷﺎﻛﺮ ﻭﺍﺑﻦ ﺍﻟﻬﻴﺜﻢ ﻭﺍﻟﺒﻴﺮﻭﻧﻲ ﻭﺍﺑﻦ ﺳﻴﻨﺎ ﻭﺍﻟﺨﺎﺯﻥ ﻭﻏﻴﺮﻫﻢ.
ﻭﻛﺎﻧﺖ ﺍﻟﺒﺪﺍﻳﺔ ﺃﻥ ﺃﺧﺬ ﺍﻟﻌﺮﺏ ﺍﻟﻤﺴﻠﻤﻮﻥ ﻣﺒﺎﺩﻱﺀ ﻋﻠﻢ ﺍﻟﻔﻴﺰﻳﺎﺀ ﻣﻦ ﺍﻟﻴﻮﻧﺎﻥ، ﻓﻘﺪ ﺗﺮﺟﻤﻮﺍ ﻛﺘﺎﺏ (ﺍﻟﻔﻴﺰﻳﻜﺲ) ﻷﺭﺳﻄﻮ، ﻭﻛﺘﺎﺏ (ﺍﻟﺤﻴﻞ ﺍﻟﺮﻭﺣﺎﻧﻴﺔ ﻭ ﺭﻓﻊ ﺍﻷﺛﻘﺎﻝ) ﻷﻳﺮﻥ، ﻭﻛﺘﺎﺏ (ﺍﻵﻻﺕ ﺍﻟﻤﺼﻮﺗﺔ ﻋﻠﻰ ﺑﻌﺪ 60 ﻣﻴﻠًﺎ) ﻟﻤﻮﺭﻃﺲ، ﻛﻤﺎ ﺍﻫﺘﻤﻮﺍ ﺑﻤﺆﻟﻔﺎﺕ ﺃﺭﺷﻤﻴﺪﺱ ﻭﻫﻴﺮﻭﻥ، ﻭﻃﻮَّﺭﻭﺍ ﻧﻈﺮﻳﺎﺗﻬﻤﺎ ﻭﺃﻓﻜﺎﺭﻫﻤﺎ ﻓﻲ ﻋﻠﻢ ﺍﻟﻤﻴﻜﺎﻧﻴﻜﺎ.
ﻭﺑﻴﻨﻤﺎ ﻛﺎﻥ ﺍﻟﻴﻮﻧﺎﻧﻴﻮﻥ ﻳﻌﺘﻤﺪﻭﻥ ﻛﻠﻴًﺎ ﻋﻠﻰ ﺍﻷﻓﻜﺎﺭ ﺍﻟﻔﻠﺴﻔﻴﺔ ﺍﻟﻤﺠﺮﺩﺓ ﻭﺍﻻﺳﺘﻨﺒﺎﻁ ﺍﻟﻌﻘﻠﻲ، ﻧﺠﺪ ﺃﻥ ﺍﻟﻌﻠﻤﺎﺀ ﺍﻟﻌﺮﺏ ﻭﺍﻟﻤﺴﻠﻤﻴﻦ ﺍﻋﺘﻤﺪﻭﺍ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺘﺠﺮﺑﺔ ﻭﺍﻻﺳﺘﻘﺮﺍﺀ، ﻭﺗﺒﻨﻮﺍ ﺍﻟﻄﺮﻳﻘﺔ ﺍﻟﻌﻠﻤﻴﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﺒﺤﺚ ﻭﺍﻻﺳﺘﻘﺼﺎﺀ، ﻭﻃﻮﺭﻭﺍ ﻣﺎ ﻭﺭﺛﻮﻩ ﻋﻦ ﺍﻟﻴﻮﻧﺎﻧﻴﻴﻦ ﻣﻌﺘﻤﺪﻳﻦ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺘﺠﺮﺑﺔ ﺍﻟﻌﻠﻤﻴﺔ ﺍﻟﺘﻄﺒﻴﻘﻴﺔ، ﻭﻗﺪ ﺃﻛﺴﺒﺖ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻄﺮﻳﻘﺔ ﺃﻋﻤﺎﻟﻬﻢ ﺍﻟﻌﻠﻤﻴﺔ ﺍﻟﻮﺿﻮﺡ، ﺛﻢ ﺍﻻﻧﻄﻼﻕ ﻭﺍﻹﺑﺪﺍﻉ ﺍﻟﺬﻱ ﻋﺮﻓﺖ ﺑﻪ ﻣﻨﺠﺰﺍﺗﻬﻢ ﻓﻲ ﻣﺠﺎﻝ ﺍﻟﻄﺒﻴﻌﺔ ﻭﺍﻟﻜﻴﻤﻴﺎﺀ ﻭﺍﻟﻄﺐ ﻭﺍﻟﺼﻴﺪﻟﺔ ﻭﺧﻼﻓﻬﺎ (5).
ﺃﺷﻬﺮ ﺭﻭﺍﺩ ﺍﻟﻔﻴﺰﻳﺎﺀ ﺍﻟﻤﺴﻠﻤﻴﻦ ﻭﺃﻫﻢ ﺇﺳﻬﺎﻣﺎﺗﻬﻢ
ﻳﻌﺪ ﺍﻟﻘﺮﻥ ﺍﻟﺮﺍﺑﻊ ﺍﻟﻬﺠﺮﻱ ﺍﻟﻌﺼﺮ ﺍﻟﺬﻫﺒﻲ ﻟﻠﺤﻀﺎﺭﺓ ﺍﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﺍﻹﺳﻼﻣﻴﺔ ﻣﻦ ﺣﻴﺚ ﺍﻟﺘﻘﺪﻡ ﺍﻟﻌﻠﻤﻲ، ﻓﻘﺪ ﺗَﻮَّﺝ ﺍﻟﻌﻠﻤﺎﺀ ﺍﻟﻤﺴﻠﻤﻮﻥ ﺍﻟﻌﻠﻮﻡ ﺍﻟﺘﻄﺒﻴﻘﻴﺔ ﻭﺍﻟﺒﺤﺚ ﺧﻼﻟﻪ ﺑﺎﻻﻛﺘﺸﺎﻓﺎﺕ ﺍﻟﺮﺍﺋﻌﺔ، ﺧﺎﺻﺔ ﺑﻤﺎ ﺍﻫﺘﺪﻭﺍ ﺇﻟﻴﻪ ﻓﻲ ﺍﻷﺻﻮﺍﺕ، ﻭﻗﻮﺱ ﻗﺰﺡ ﻭﺍﻟﻜﺴﻮﻑ ﻭﺍﻟﺨﺴﻮﻑ ﻭﺍﻟﻈﻼﻝ، ﺑﺎﻹﺿﺎﻓﺔ ﺇﻟﻰ ﻣﺨﺘﺮﻋﺎﺗﻬﻢ ﻓﻲ ﻋﻠﻢ ﺍﻟﺤﻴﻞ.
ﻭﻗﺪ ﻛﺎﻥ ﻋﻠﻰ ﺭﺃﺱ ﻗﺎﺋﻤﺔ ﺍﻟﻌﻠﻤﺎﺀ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﺍﺷﺘﻐﻠﻮﺍ ﺑﺎﻟﻔﻴﺰﻳﺎﺀ: ﺍﺑﻦ ﺍﻟﻬﻴﺜﻢ (ﺍﻧﻈﺮ ﺇﻧﺠﺎﺯﺍﺗﻪ ﻓﻲ ﻣﺒﺤﺚ ﺍﻟﺒﺼﺮﻳﺎﺕ) ﻭﺃﺑﻨﺎﺀ ﻣﻮﺳﻰ ﺑﻦ ﺷﺎﻛﺮ ﻭﺍﻟﺨﺎﺯﻥ ﻭﺍﻟﺒﻴﺮﻭﻧﻲ ﻭﻏﻴﺮﻫﻢ ﻣﻤﻦ ﻳﺼﻌﺐ ﺣﺼﺮﻫﻢ، ﻭﻗﺪ ﺃﺳﻬﻢ ﻫﺆﻻﺀ ﺟﻤﻴﻌًﺎ ﻓﻲ ﺗﻄﻮﺭ ﻋﻠﻢ ﺍﻟﻔﻴﺰﻳﺎﺀ ﺑﻔﺮﻭﻋﻪ ﺍﻟﻤﺨﺘﻠﻔﺔ ﺑﻨﺴﺐ ﻣﺘﻔﺎﻭﺗﺔ، ﻭﻟﻢ ﻳﻜﻦ ﻫﻨﺎﻙ ﻣﻦ ﻳﻔﻮﻗﻬﻢ ﻓﻲ ﺃﻱ ﺃﻣﺔ ﻋﺎﺻﺮﺗﻬﻢ، ﻭﻫﺬﻩ ﻧﺒﺬﺓ ﺳﺮﻳﻌﺔ ﺗﻨﻮﻩ ﺑﺒﻌﻀﻬﻢ.
ﺍﻟﺸﻴﺦ ﺍﻟﺮﺋﻴﺲ ﺍﺑﻦ ﺳﻴﻨﺎ (370-428ﻫـ):
ﻫﻮ ﺃﺑﻮ ﻋﻠﻲ ﺍﻟﺤﺴﻴﻦ ﺑﻦ ﻋﺒﺪ ﺍﻟﻠﻪ ﺑﻦ ﺳﻴﻨﺎ، ﺃﻟﻒ ﻣﺎ ﻳﻘﺎﺭﺏ ﻣﺎﺋﺘﻴﻦ ﻭﺧﻤﺴﻴﻦ ﻣﺆﻟﻔﺎً ﺑﻴﻦ ﻛﺘﺎﺏ ﻭﺭﺳﺎﻟﺔ ﻭﻣﻘﺎﻟﺔ ﻓﻲ ﻛﻞ ﻣﻦ ﺍﻟﺮﻳﺎﺿﻴﺎﺕ ﻭﺍﻟﻤﻨﻄﻖ ﻭﺍﻷﺧﻼﻕ ﻭﺍﻟﻄﺒﻴﻌﻴﺎﺕ ﻭﺍﻟﻄﺐ ﻭﺍﻟﻔﻠﺴﻔﺔ، ﻭﺃﻫﻢ ﺇﻧﺠﺎﺯﺍﺕ ﺍﺑﻦ ﺳﻴﻨﺎ ﻓﻲ ﺍﻟﻄﺒﻴﻌﻴﺎﺕ ﻫﻮ ﻓﻲ ﻣﺠﺎﻝ ﺍﻟﻤﻴﻜﺎﻧﻴﻜﺎ، ﺣﻴﺚ ﺑﻴﻦ ﺍﺑﻦ ﺳﻴﻨﺎ ﺃﻧﻮﺍﻉ ﺍﻟﻘﻮﻯ ﻭﻋﻨﺎﺻﺮ ﺍﻟﺤﺮﻛﺔ ﻭﻣﻘﺎﻭﻣﺔ ﺍﻟﻮﺳﻂ ﺍﻟﻤﻨﻔﻮﺫ ﻓﻴﻪ، ﺗﻠﻚ ﺍﻟﻤﻘﺎﻭﻣﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﺗﻌﻤﻞ ﻋﻠﻰ ﺇﻓﻨﺎﺀ ﺍﻟﺤﺮﻛﺔ.
ﺃﻧﻮﺍﻉ ﺍﻟﻘﻮﻯ ﺍﻟﻤﺆﺛﺮﺓ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺠﺴﻢ:
ﻳﻘﺴﻢ ﺍﺑﻦ ﺳﻴﻨﺎ ﺍﻟﻘﻮﻯ ﺇﻟﻰ ﺛﻼﺛﺔ ﺃﻧﻮﺍﻉ، ﻓﺒﻴﻦ ﺃﻥ ﻫﻨﺎﻙ ﻗﻮﻯ ﻃﺒﻴﻌﻴﺔ ﺗﻌﻴﺪ ﺍﻷﺟﺴﺎﻡ ﺇﻟﻰ ﺣﺎﻟﺘﻬﺎ ﺍﻟﻄﺒﻴﻌﻴﺔ ﺇﻥ ﻫﻲ ﺃُﺑﻌﺪَﺕْ ﻋﻨﻬﺎ ﺳﻤﺎﻫﺎ ﺑﺎﻟﻘﻮﻯ ﺍﻟﻄﺒﻴﻌﻴﺔ، ﻭﻫﻲ ﺍﻟﺘﻲ ﻧﻌﺮﻓﻬﺎ ﺍﻟﻴﻮﻡ ﺑﻘﻮﺓ ﺍﻟﺘﺜﺎﻗﻞ ﺃﻭ ﺍﻟﺠﺎﺫﺑﻴﺔ ﺍﻷﺭﺿﻴﺔ، ﻭﺍﻟﻘﻮﺓ ﺍﻟﺜﺎﻧﻴﺔ ﻭﻫﻲ ﺍﻟﻘﻮﺓ ﺍﻟﻘﺴﺮﻳﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﺗﺠﺒﺮ ﺍﻟﺠﺴﻢ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺘﺤﺮﻙ ﺃﻭ ﺍﻟﺴﻜﻮﻥ، ﻭﺍﻟﻘﻮﺓ ﺍﻟﺜﺎﻟﺜﺔ ﻫﻲ ﺍﻟﻘﻮﺓ ﺍﻟﻜﺎﻣﻨﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﻔﻠﻚ ﺍﻟﻌﻠﻮﻱ، ﻭﻫﻲ ﺗﺤﺮﻙ ﺍﻟﺠﺴﻢ ﺑﺈﺭﺍﺩﺓ ﻣﺘﺠﻬﺔ ﺣﺴﺐ ﻗﻮﻟﻪ.
ﻋﻨﺎﺻﺮ ﺍﻟﺤﺮﻛﺔ:
ﻳﻌﺮﺽ ﺍﺑﻦ ﺳﻴﻨﺎ ﻓﻲ ﻛﺘﺎﺑﻪ (ﺍﻟﺸﻔﺎﺀ) ﺇﻟﻰ ﺃﻣﻮﺭ ﺳﺘﺔ ﺗﺘﻌﻠﻖ ﺑﺎﻟﺤﺮﻛﺔ ﻫﻲ: ﺍﻟﻤﺘﺤﺮﻙ ﻭﺍﻟﻤﺤﺮﻙ ﻭﻣﺎ ﻓﻴﻪ ﻭﻣﺎ ﻣﻨﻪ ﻭﻣﺎ ﺇﻟﻴﻪ ﻭﺍﻟﺰﻣﺎﻥ.
ﺍﻟﻘﺎﻧﻮﻥ ﺍﻷﻭﻝ ﻟﻠﺤﺮﻛﺔ:
ﺫﻛﺮ ﺍﺑﻦ ﺳﻴﻨﺎ ﻓﻲ ﻛﺘﺎﺑﻪ ﺍﻹﺷﺎﺭﺍﺕ ﻭﺍﻟﺘﻨﺒﻴﻬﺎﺕ ﺑﻠﻔﻈﻪ: "ﺇﻧﻚ ﺗﻌﻠﻢ ﺃﻥ ﺍﻟﺠﺴﻢ ﺇﺫﺍ ﺧﻠﻰ ﻭﻃﺒﺎﻋﻪ، ﻭﻟﻢ ﻳﺘﻌﺮﺽ ﻟﻪ ﻣﻦ ﺧﺎﺭﺝ ﺗﺄﺛﻴﺮ ﻏﺮﻳﺐ ﻟﻢ ﻳﻜﻦ ﻟﻪ ﺑﺪ ﻣﻦ ﻣﻮﺿﻊ ﻣﻌﻴﻦ ﻭﺷﻜﻞ ﻣﻌﻴﻦ، ﺇﺫﻥ ﻓﻲ ﻃﺒﺎﻋﺔ ﻣﺒﺪﺃ ﺍﺳﺘﻴﺠﺎﺏ ﺫﻟﻚ"، ﻛﻤﺎ ﻳﻘﻮﻝ ﻓﻲ ﺣﺮﻛﺔ ﺍﻟﺠﺴﻢ ﺍﻟﻤﻘﺬﻭﻑ: "ﺇﺫﺍ ﺣﻘﻘﻨﺎ ﺍﻟﻘﻮﻝ ﻭﺟﺪﻧﺎ ﺃﺻﺢ ﺍﻟﻤﺬﺍﻫﺐ ﻣﺬﻫﺐ ﻣﻦ ﻳﺮﻯ ﺃﻥ ﺍﻟﻤﺘﺤﺮﻙ ﻳﺴﺘﻔﻴﺪ ﻣﻴﻼً ﻣﻦ ﺍﻟﻤﺤﺮﻙ، ﻭﺍﻟﻤﻴﻞ ﻫﻮ ﻣﺎ ﻳﺤﺲ ﺑﺎﻟﺤﺲ ﺇﺫﺍ ﻣﺎ ﺣُﻮﻭِﻝ ﺃﻥ ﻳﺴﻜﻦ ﺍﻟﻄﺒﻴﻌﻲ ﺑﺎﻟﻘﺴﺮ، ﺃﻭ ﺍﻟﻘﺴﺮﻱ ﺑﺎﻟﻘﺴﺮ" ﺃﻱ ﺃﻥ ﺍﻟﺠﺴﻢ ﻓﻲ ﺣﺎﻟﺔ ﺗﺤﺮﻛﻪ ﻳﻜﻮﻥ ﻟﻪ ﻣﻴﻞ ﻟﻼﺳﺘﻤﺮﺍﺭ ﻓﻲ ﺣﺮﻛﺘﻪ، ﺑﺤﻴﺚ ﺇﺫﺍ ﺣﺎﻭﻟﻨﺎ ﺇﻳﻘﺎﻓﻪ ﺃﺣﺴﺴﻨﺎ ﺑﻤﺪﺍﻓﻌﺔ ﻳﺒﺪﻳﻬﺎ ﺍﻟﺠﺴﻢ ﻟﻠﺒﻘﺎﺀ ﻋﻠﻰ ﺣﺎﻟﺔ ﻣﻦ ﺍﻟﺤﺮﻛﺔ ﺳﻮﺍﺀ ﻛﺎﻧﺖ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺤﺮﻛﺔ ﻃﺒﻴﻌﻴﺔ ﺃﻭ ﻗﺴﺮﻳﺔ.
ﺗﺆﻛﺪ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻨﺼﻮﺹ ﺳﺒﻖ ﺍﺑﻦ ﺳﻴﻨﺎ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻘﺎﻧﻮﻥ ﺍﻷﻭﻝ ﻟﻠﺤﺮﻛﺔ ﻗﺒﻞ ﻟﻴﻮﻧﺎﺭﺩﻭ ﺩﺍﻓﻴﻨﺸﻲ ﺑﺄﻛﺜﺮ ﻣﻦ ﺃﺭﺑﻌﺔ ﻗﺮﻭﻥ، ﻭﻗﺒﻞ ﺟﺎﻟﻴﻠﻴﻮ ﺟﺎﻟﻴﻠﻲ ﺑﺄﻛﺜﺮ ﻣﻦ ﺧﻤﺴﺔ ﻗﺮﻭﻥ، ﻭﻗﺒﻞ ﺇﺳﺤﻖ ﻧﻴﻮﺗﻦ ﺑﺄﻛﺜﺮ ﻣﻦ ﺳﺘﺔ ﻗﺮﻭﻥ، ﻓﻬﻮ ﺑﺤﻖ ﻗﺎﻧﻮﻥ ﺍﺑﻦ ﺳﻴﻨﺎ ﺍﻷﻭﻝ ﻟﻠﺤﺮﻛﺔ.
ﺍﺳﺘﺤﺎﻟﺔ ﺍﻟﺤﺮﻛﺔ ﺍﻟﺪﺍﺋﻤﺔ (ﺍﻻﺣﺘﻜﺎﻙ):
ﻓﻄﻦ ﺍﻟﺸﻴﺦ ﺍﻟﺮﺋﻴﺲ ﺇﻟﻰ ﺃﻥ ﻣﻌﺎﻭﻗﺔ ﺍﻟﻮﺳﻂ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﺘﺤﺮﻙ ﺧﻼﻟﻪ ﺍﻟﺠﺴﻢ ﺗﺆﺩﻱ ﺇﻟﻰ ﺇﺑﻄﺎﻝ ﺍﻟﺤﺮﻛﺔ ﻓﻴﻪ، ﺛﻢ ﺫﻫﺐ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻘﻮﻝ ﺑﺎﺳﺘﺤﺎﻟﺔ ﺍﻟﺤﺮﻛﺔ ﺍﻟﺪﺍﺋﻤﺔ ﻓﻘﺎﻝ ﻓﻲ ﻛﺘﺎﺑﻪ (ﺍﻹﺷﺎﺭﺍﺕ ﻭﺍﻟﺘﻨﺒﻴﻬﺎﺕ) ﻣﺎ ﻧﺼﻪ: "ﻻ ﻳﺠﻮﺯ ﺃﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﻓﻲ ﺟﺴﻢ ﻣﻦ ﺍﻷﺟﺴﺎﻡ ﻗﻮﺓ ﻃﺒﻴﻌﻴﺔ ﺗﺤﺮﻙ ﺫﻟﻚ ﺍﻟﺠﺴﻢ ﺇﻟﻰ ﺑﻼ ﻧﻬﺎﻳﺔ"، ﻭﻫﻮ ﻳﺴﺒﻖ ﺑﺬﻟﻚ ﻟﻴﻮﻧﺎﺭﺩﻭ ﺩﺍﻓﻴﻨﺸﻲ ﺍﻟﺬﻱ ﺫﻫﺐ ﺇﻟﻰ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻤﺬﻫﺐ ﻓﻲ ﻋﺼﺮ ﺍﻟﻨﻬﻀﺔ ﺍﻷﻭﺭﻭﺑﻴﺔ (11).
ﺍﻟﺒﻴﺮﻭﻧﻲ:
ﻛﺎﻥ ﺍﻟﺒﻴﺮﻭﻧﻲ (362 - 441ﻫـ) ﺛﺎﻟﺚ ﺛﻼﺛﺔ - ﺑﻌﺪ ﺍﺑﻦ ﺳﻴﻨﺎ ﻭﺍﺑﻦ ﺍﻟﻬﻴﺜﻢ - ﺍﺯﺩﻫﺮﺕ ﺑﻬﻢ ﺍﻟﺤﻀﺎﺭﺓ ﺍﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﺍﻹﺳﻼﻣﻴﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﻔﺘﺮﺓ ﻣﻦ ﻣﻨﺘﺼﻒ ﺍﻟﻘﺮﻥ ﺍﻟﺮﺍﺑﻊ ﺍﻟﻬﺠﺮﻱ ﺇﻟﻰ ﻣﻨﺘﺼﻒ ﺍﻟﻘﺮﻥ ﺍﻟﺨﺎﻣﺲ ﺍﻟﻬﺠﺮﻱ، ﻭﻳﺬﻫﺐ ﺑﻌﺾ ﻣﺆﺭﺧﻲ ﺍﻟﻌﻠﻮﻡ ﻣﺜﻞ ﺍﻷﻟﻤﺎﻧﻲ ﺇﺩﻭﺍﺭﺩ ﺳﺨﺎﻭ (ﺕ 1348ﻫـ،1930ﻡ) ﺇﻟﻰ ﺃﻥ ﺍﻟﺒﻴﺮﻭﻧﻲ ﺃﻋﻈﻢ ﻋﻘﻠﻴﺔ ﻋﺮﻓﻬﺎ ﺍﻟﺘﺎﺭﻳﺦ.
ﻳﻜﺎﺩ ﻳﻜﻮﻥ ﺍﻟﺒﻴﺮﻭﻧﻲ ﻗﺪ ﺃﻟَّﻒ ﻓﻲ ﻛﻞ ﻓﺮﻭﻉ ﺍﻟﻤﻌﺮﻓﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﻋﻬﺪﻫﺎ ﻋﺼﺮﻩ؛ ﻓﻘﺪ ﻛﺘﺐ ﻓﻲ ﺍﻟﺮﻳﺎﺿﻴﺎﺕ ﻭﺍﻟﻔﻠﻚ ﻭﺍﻟﺘﻨﺠﻴﻢ ﻭﺍﻟﺤﻜﻤﺔ ﻭﺍﻷﺩﻳﺎﻥ ﻭﺍﻟﺘﺎﺭﻳﺦ ﻭﺍﻟﺠﻐﺮﺍﻓﻴﺎ ﻭﺍﻟﺠﻴﻮﻟﻮﺟﻴﺎ ﻭﺍﻷﺣﻴﺎﺀ ﻭﺍﻟﺼﻴﺪﻟﺔ، ﺃﻣﺎ ﻓﻲ ﻣﺠﺎﻝ ﺍﻟﻄﺒﻴﻌﻴﺎﺕ ﻓﻘﺪ ﺍﻫﺘﻢ ﺑﺎﻟﺨﻮﺍﺹ ﺍﻟﻔﻴﺰﻳﺎﺋﻴﺔ ﻟﻜﺜﻴﺮ ﻣﻦ ﺍﻟﻤﻮﺍﺩ، ﻭﺗﻨﺎﻭﻟﺖ ﺃﺑﺤﺎﺛﻪ ﻋﻠﻢ ﻣﻴﻜﺎﻧﻴﻜﺎ ﺍﻟﻤﻮﺍﻧﻊ ﻭﺍﻟﻬﻴﺪﺭﻭﺳﺘﺎﺗﻴﻜﺎ، ﻭﻟﺠﺄ ﻓﻲ ﺑﺤﻮﺛﻪ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺘﺠﺮﺑﺔ ﻭﺟﻌﻠﻬﺎ ﻣﺤﻮﺭًﺍ ﻻﺳﺘﻨﺘﺎﺟﺎﺗﻪ، ﻛﻤﺎ ﺍﻧﻀﻢ ﻣﻊ ﺍﺑﻦ ﺳﻴﻨﺎ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﺷﺎﺭﻛﻮﺍ ﺍﺑﻦ ﺍﻟﻬﻴﺜﻢ ﻓﻲ ﺭﺃﻳﻪ ﺍﻟﻘﺎﺋﻞ ﺑﺄﻥ ﺍﻟﻀﻮﺀ ﻳﺄﺗﻲ ﻣﻦ ﺍﻟﺠﺴﻢ ﺍﻟﻤﺮﺋﻲ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻌﻴﻦ.
ﻭﻣﻦ ﺟﻤﻠﺔ ﺍﻫﺘﻤﺎﻣﺎﺗﻪ ﺑﺎﻟﺨﻮﺍﺹ ﺍﻟﻔﻴﺰﻳﺎﺋﻴﺔ ﻟﻠﻤﻮﺍﺩ ﺍﻟﺘﻲ ﻭﺭﺩﺕ ﻓﻲ ﻛﺘﺐ ﻣﺘﻔﺮﻗﺔ ﻙ(ﺍﻟﻘﺎﻧﻮﻥ ﺍﻟﻤﺴﻌﻮﺩﻱ)، ﻭ(ﺍﻟﺠﻤﺎﻫﺮ ﻓﻲ ﺍﻟﺠﻮﺍﻫﺮ) ﻭﺻﻔُﻪُ ﻟﻠﻤﺎﺱ ﺑﺄﻧﻪ ﺟﻮﻫﺮ ﻣُﺸِﻒّ، ﻭﺃﻧﻪ ﺻﻠﺪ ﻳﻜﺴﺮ ﺟﻤﻴﻊ ﺍﻷﺣﺠﺎﺭ ﻭﻻ ﻳﻨﻜﺴﺮ ﺑﻬﺎ، ﻭﻫﺬﻩ ﺻﻔﺔ ﻓﻴﺰﻳﺎﺋﻴﺔ ﻣﻤﻴﺰﺓ ﻟﻠﻤﺎﺱ ﺣﻴﺚ ﻳﺴﺘﺨﺪﻡ ﺣﺘﻰ ﺍﻵﻥ ﻟﻘﻄﻊ ﺍﻟﺰﺟﺎﺝ، ﻭﻳﺴﺘﺨﺪﻡ ﻣﺴﺤﻮﻗﻪ ﻟﺼﻘﻞ ﺍﻟﻤﻌﺎﺩﻥ ﻭﺗﻨﻌﻴﻤﻬﺎ، ﺃﻣﺎ ﺧﺸﺐ ﺍﻷﺑﻨﻮﺱ ﻋﻨﺪﻩ ﻓﺈﻧﻪ ﻳﻀﻲﺀ ﻛﺎﻟﻠﺆﻟﺆ، ﺗﻔﻮﺡ ﻣﻨﻪ ﺭﺍﺋﺤﺔ ﻃﻴﺒﺔ ﻭﻻ ﻳﻄﻔﻮ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻤﺎﺀ ﻷﻥ ﺛﻘﻠﻪ ﺍﻟﻨﻮﻋﻲ ﺃﻛﺜﺮ ﻣﻦ ﻭﺍﺣﺪ، ﻛﻤﺎ ﻳﺸﻴﺮ ﺇﻟﻰ ﺃﻥ ﻛﻞ ﺍﻷﺣﺠﺎﺭ ﺍﻟﻜﺮﻳﻤﺔ ﺗﻄﻔﻮ ﻓﻲ ﺍﻟﺰﺋﺒﻖ ﻣﺎ ﺧﻼ ﺍﻟﺬﻫﺐ ﻓﺈﻧﻪ ﻳﺮﺳﺐ ﻓﻴﻪ ﺑﻔﻀﻞ ﺍﻟﺜﻘﻞ.
ﻭﻣﻦ ﺃﺑﺮﺯ ﻣﺎ ﻗﺎﻡ ﺑﻪ ﺍﻟﺒﻴﺮﻭﻧﻲ ﺃﻧﻪ ﺗﻮﺻﻞ ﺇﻟﻰ ﺗﺤﺪﻳﺪ ﺍﻟﺜﻘﻞ ﺍﻟﻨﻮﻋﻲ ﻟـ 18 ﻋﻨﺼﺮًﺍ ﻣﺮﻛﺒًﺎ ﺑﻌﻀﻬﺎ ﻣﻦ ﺍﻷﺣﺠﺎﺭ ﺍﻟﻜﺮﻳﻤﺔ ﻣﺴﺘﺨﺪﻣًﺎ ﺍﻟﺠﻬﺎﺯ ﺍﻟﻤﺨﺮﻭﻃﻲ، ﻭﻗﺪ ﺍﺳﺘﺨﺮﺝ ﻗﻴﻢ ﺍﻟﺜﻘﻞ ﺍﻟﻨﻮﻋﻲ ﻟﻬﺬﻩ ﺍﻟﻌﻨﺎﺻﺮ ﻣﻨﺴﻮﺑﺔ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺬﻫﺐ ﻣﺮﺓ ﻭﺇﻟﻰ ﺍﻟﻤﺎﺀ ﻣﺮﺓ ﺃﺧﺮﻯ، ﻭﻟﻪ ﺟﺪﺍﻭﻝ ﺣﺪﺩ ﻓﻴﻬﺎ ﻗﻴﻢ ﺍﻟﺜﻘﻞ ﺍﻟﻨﻮﻋﻲ ﻟﺒﻌﺾ ﺍﻷﺣﺠﺎﺭ ﺍﻟﻜﺮﻳﻤﺔ ﻣﻨﺴﻮﺑﺔ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻴﺎﻗﻮﺕ ﻋﻠﻰ ﺃﺳﺎﺱ ﺍﻟﻮﺯﻥ ﺍﻟﻨﻮﻋﻲ ﻟﻠﻴﺎﻗﻮﺕ = 100 ﺛﻢ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻤﺎﺀ.
ﻭﻓﻲ ﻇﺎﻫﺮﺓ ﺍﻟﺠﺎﺫﺑﻴﺔ ﻛﺎﻥ ﺍﻟﺒﻴﺮﻭﻧﻲ ﻣﻊ ﺍﺑﻦ ﺍﻟﺤﺎﺋﻚ، ﻣﻦ ﺍﻟﺮﻭﺍﺩ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﻗﺎﻟﻮﺍ ﺑﺄﻥ ﻟﻸﺭﺽ ﺧﺎﺻﻴﺔ ﺟﺬﺏ ﺍﻷﺟﺴﺎﻡ ﻧﺤﻮ ﻣﺮﻛﺰﻫﺎ، ﻭﻗﺪ ﺗﻨﺎﻭﻝ ﺫﻟﻚ ﻓﻲ ﺁﺭﺍﺀ ﺑﺜﻬﺎ ﻓﻲ ﻛﺘﺐ ﻣﺨﺘﻠﻔﺔ، ﻭﻟﻜﻦ ﺃﺷﻬﺮ ﺁﺭﺍﺋﻪ ﻓﻲ ﺫﻟﻚ ﺿﻤﻨﻬﺎ ﻛﺘﺎﺑﻪ ﺍﻟﻘﺎﻧﻮﻥ ﺍﻟﻤﺴﻌﻮﺩﻱ.
ﻭﻣﻦ ﺍﻟﻤﺴﺎﺋﻞ ﺍﻟﻔﻴﺰﻳﺎﺋﻴﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﺗﻨﺎﻭﻟﻬﺎ ﺍﻟﺒﻴﺮﻭﻧﻲ ﻓﻲ ﻛﺘﺎﺑﺎﺗﻪ ﻇﺎﻫﺮﺓ ﺗﺄﺛﻴﺮ ﺍﻟﺤﺮﺍﺭﺓ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﻌﺎﺩﻥ، ﻭﺿﻐﻂ ﺍﻟﺴﻮﺍﺋﻞ ﻭﺗﻮﺍﺯﻧﻬﺎ، ﻭﺗﻔﺴﻴﺮ ﺑﻌﺾ ﺍﻟﻈﻮﺍﻫﺮ ﺍﻟﻤﺘﻌﻠﻘﺔ ﺑﺴﺮﻳﺎﻥ ﺍﻟﻤﻮﺍﺋﻊ، ﻭﻇﺎﻫﺮﺓ ﺍﻟﻤﺪ ﻭﺍﻟﺠﺰﺭ ﻭﺳﺮﻳﺎﻥ ﺍﻟﻀﻮﺀ، ﻓﻘﺪ ﻻﺣﻆ ﺃﻥ ﺍﻟﻤﻌﺎﺩﻥ ﺗﺘﻤﺪَّﺩ ﻋﻨﺪ ﺗﺴﺨﻴﻨﻬﺎ، ﻭﺗﻨﻜﻤﺶ ﺇﺫﺍ ﺗﻌﺮﺿﺖ ﻟﻠﺒﺮﻭﺩﺓ.
ﻭﺃﻭﻟﻰ ﻣﻼﺣﻈﺎﺗﻪ ﻓﻲ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺸﺄﻥ ﻛﺎﻧﺖ ﻓﻲ ﺗﺄﺛﻴﺮ ﺗﺒﺎﻳﻦ ﺩﺭﺟﺔ ﺍﻟﺤﺮﺍﺭﺓ ﻓﻲ ﺩﻗﺔ ﺃﺟﻬﺰﺓ ﺍﻟﺮﺻﺪ، ﺣﻴﺚ ﺗﻄﺮﺃ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﺗﻐﻴﺮﺍﺕ ﻓﻲ ﺍﻟﻄﻮﻝ ﻭﺍﻟﻘﺼﺮ ﻓﻲ ﻗﻴﻆ ﺍﻟﻨﻬﺎﺭ ﻭﺻﻘﻴﻊ ﺁﺧﺮ ﺍﻟﻠﻴﻞ، ﻭﺗﻌﺮﺽ ﻓﻲ ﻛﺘﺎﺑﻪ (ﺍﻵﺛﺎﺭ ﺍﻟﺒﺎﻗﻴﺔ ﻋﻦ ﺍﻟﻘﺮﻭﻥ ﺍﻟﺨﺎﻟﻴﺔ) ﻟﻤﻴﻜﺎﻧﻴﻜﺎ ﺍﻟﻤﻮﺍﺋﻊ؛ ﻓﺸﺮﺡ ﺍﻟﻈﻮﺍﻫﺮ ﺍﻟﺘﻲ ﺗﻘﻮﻡ ﻋﻠﻰ ﺿﻐﻂ ﺍﻟﺴﻮﺍﺋﻞ ﻭﺍﺗﺰﺍﻧﻬﺎ ﻭﺗﻮﺍﺯﻧﻬﺎ، ﻭﺃﻭﺿﺢ ﺻﻌﻮﺩ ﻣﻴﺎﻩ ﺍﻟﻨﺎﻓﻮﺭﺍﺕ ﻭﺍﻟﻌﻴﻮﻥ ﺇﻟﻰ ﺃﻋﻠﻰ ﻣﺴﺘﻨﺪًﺍ ﺇﻟﻰ ﺧﺎﺻﻴﺔ ﺳﻠﻮﻙ ﺍﻟﺴﻮﺍﺋﻞ ﻓﻲ ﺍﻷﻭﺍﻧﻲ ﺍﻟﻤﺴﺘﻄﺮﻗﺔ.
ﻛﻤﺎ ﺷﺮﺡ ﺗﺠﻤﻊ ﻣﻴﺎﻩ ﺍﻵﺑﺎﺭ ﺑﺎﻟﺮﺷﺢ ﻣﻦ ﺍﻟﺠﻮﺍﻧﺐ ﺣﻴﺚ ﻳﻜﻮﻥ ﻣﺼﺪﺭﻫﺎ ﻣﻦ ﺍﻟﻤﻴﺎﻩ ﺍﻟﻘﺮﻳﺒﺔ ﻣﻨﻬﺎ، ﻭﺗﻜﻮﻥ ﺳﻄﻮﺡ ﻣﺎ ﻳﺠﺘﻤﻊ ﻣﻨﻬﺎ ﻣﻮﺍﺯﻳﺔ ﻟﺘﻠﻚ ﺍﻟﻤﻴﺎﻩ، ﻭﺑﻴَّﻦ ﻛﻴﻒ ﺗﻔﻮﺭ ﺍﻟﻌﻴﻮﻥ ﻭﻛﻴﻒ ﻳﻤﻜﻦ ﺃﻥ ﺗﺼﻌﺪ ﻣﻴﺎﻫﻬﺎ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻘﻼﻉ ﻭﺭﺅﻭﺱ ﺍﻟﻤﻨﺎﺭﺍﺕ. ﻭﺗﺤﺪﺙ ﻋﻦ ﻇﺎﻫﺮﺓ ﺍﻟﻤﺪ ﻭﺍﻟﺠﺰﺭ ﻓﻲ ﺍﻟﺒﺤﺎﺭ ﻭﺍﻷﻧﻬﺎﺭ ﻭﻋﺰﺍﻫﻤﺎ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺘﻐﻴﺮ ﺍﻟﺪﻭﺭﻱ ﻟﻮﺟﻪ ﺍﻟﻘﻤﺮ (12).
وشگرآآآ اخوگم ALMAESTRO